للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد انتهاء الحرب يوم الجمل جاء علي إلى عائشة فقال لها: (غفر الله لك، قالت: ولك، ما أردت إلا الإصلاح). (١)

فتقرر أنها ما خرجت إلا للإصلاح بين المسلمين، وهذا سفر طاعة لا ينافي ما أمرت به من عدم الخروج من بيتها، كغيره من الأسفار الأخرى التي فيها طاعة لله ورسوله كالحج والعمرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الرافضة

في هذه المسألة: (فهي لم تتبرج تبرج الجاهلية

الأولى، والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة، أو خرجت مع زوجها في سفره، فإن هذه الآية قد نزلت في حياة النبي وقد سافر بهن رسول الله بعد ذلك كما سافر في حجة الوداع بعائشة وغيرها وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم، وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي يحججن كما كن يحججن معه في خلافة عمر وغيره، وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان، أوعبد الرحمن بن عوف، وإذاكان سفرهن لمصلحة جائزاً، فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأولت في ذلك». (٢)

وأما قول الرافضي: استباحت قتال خليفة المسلمين

فقد تقدم إنها ما خرجت لذلك، وما أرادت القتال، وقد نقل الزهري عنها أنها قالت بعد موقعة الجمل: (إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً). (٣)

ولهذا ندمت بعد ذلك ندماً عظيماً على

شهود موقعة الجمل،


(١) نقله ابن العماد في شذرات الذهب ١/ ٤٢، وروى هذا الأثر بدون قولها: (ماأردت إلا الإصلاح) الطبري في تأريخه ٤/ ٥٣٤.
(٢) منهاج السنة ٤/ ٣١٧ - ٣١٨.
(٣) المغازي للزهري ص ١٥٤.

<<  <   >  >>