للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ماروى ابن أبي شيبة عنها أنها قالت:

(وددت أني كنت غصناً رطباً، ولم أسر سيري هذا) . (١)

وفي الكامل لابن الأثير أنها قالت للقعقاع بن عمرو: (والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة) . (٢)

وموقف عائشة هذا هو موقف علي من الحرب بعد وقوعها.

فقد روى ابن أبي شيبة: أن علياً قال يوم الجمل: (اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت) . (٣)

وعنه أنه قال: (وددت أني كنت مت قبل هذا بعشرين سنة) . (٤)

فثبت بهذا أن عائشة ما أرادت القتال أولاً، وندمت أن شهدته بعد وقوعه، فلئن كان ذنباً فهو مغفور لها من وجهين: بعدم القصد، وبالتوبة منه، هذا مع ما ثبت أنها خرجت لمقصد حسن وهو الصلح بين المسلمين، فهي بذلك مأجورة على

قصدها مغفور لها خطؤها.

وموقف علي من الحرب دليل على أنه يرى أنها حرب فتنة، ولهذا تمنى لو لم يدخلها، وأنه مات قبلها بعشرين سنة، وذلك لاشتباه الأمور فيها، ولكونه لم يظهر له أن في قتال مخالفيه يوم الجمل حقاً ظاهراً، ولو أنه كان يعتقد في مخالفيه ما يعتقده الرافضة فيهم من الكفر والردة عن الإسلام بحربهم لعلي ، فإنه لو كان يعتقد فيهم هذا لما ندم على قتالهم ذلك الندم العظيم، ولفرح بقتلهم وقتالهم لما في ذلك من


(١) المصنف لابن أبي شيبة ٧/٥٤٣.
(٢) الكامل في التاريخ ٣/٢٥٤.
(٣) المصنف لابن أبي شيبة ٧/٥٤١.
(٤) المصدر نفسه ٧/٥٤٤، والكامل لابن الأثير ٣/٢٥٤.

<<  <   >  >>