للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كانوا مسلمين معصومين فكيف استجاز علي أن يسبي نساءهم ويطأمن ذلك السبي.

وأما الذين قاتلهم على منع الزكاة فأولئك ناس آخرون، ولم

يكونوا يؤدونها، وقالوا: لا نؤديها إليك، بل امتنعوا من أدائها بالكلية، فقاتلهم على هذا، لم يقاتلهم ليؤدّوها إليه، وأتباع الصديق كأحمد بن حنبل وأبي حنيفة، وغيرهما يقولون: إذا قالوا: نحن نؤديها ولا ندفعها إلى الإمام، لم يجز قتالهم لعلمهم بأن الصديق إنما قاتل من امتنع عن أدائها جملة، لامن قال: أنا أؤدّيها بنفسي. ولو عدّ هذا المفتري الرافضي من المتخلفين عن بيعة أبي بكر المجوس، واليهود، والنصارى، لكان ذلك من جنس عده لبني حنيفة، بل كفر بني حنيفة من بعض الوجوه كان أعظم من كفر اليهود، والنصارى، والمجوس، فإن أولئك كفار ملِّيُّون وهؤلاء مرتدون، وأولئك يقرون بالجزية، وهؤلاء لا يقرون بالجزية، وأولئك لهم كتاب أو شبه كتاب، وهؤلاء اتبعوا مفترياً كذاباً، لكن كان مؤذنه يقول: أشهد أن محمداً ومسيلمة رسولا الله، وكانوا يجعلون محمداً ومسيلمة سواء» . (١)

فتبين بهذا أن الذين قاتلهم أبو بكر كانوا قسمين:

قسم منهم: قد ارتدوا بالكلية واتبعوا مسيلمة الكذاب، وهم

بنو حنيفة، وهؤلاء لا يشك مسلم في كفرهم ووجوب قتالهم.

وقسم آخر: امتنعوا من تأدية الزكاة مطلقاً فلم يؤدوها بأنفسهم ولا دفعوها إلى الخليفة، فكان قتالهم واجباً مأموراً به من الله ورسوله

قال تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم﴾ (٢) فعلق تخلية السبيل على الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي أنه قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله


(١) منهاج السنة ٨/٣١٨-٣١٩-٣٢٤.
(٢) سورة التوبة آية ٥.

<<  <   >  >>