وحسن المتابعة لها، وقوة العزيمة في الأخذ بها، والقيام بها أيّما قيام، وتطبيقها في كافة الظروف والأحوال، حتى أصبحو بذلك مضرب الأمثال، وقدوة الأجيال، على مر السنين والقرون، في القوامة بأمر الدين. حتى إن عوام المسلمين إذا ما رأوا من رجل صدق التدين، وحسن الاستقامة، قالوا في وصفه على سبيل التمدح:(كأنه تربّى على الصحابة، أو كأنه يعيش بين الصحابة) وما ذلك إلا لما اشتهر في الأمة واستفاض من عدالة هؤلاء الصحابة، ورسوخ قدمهم في الدين، وقوة تمسكهم به.
ومرجع هذا كله إلى ما تضافرت عليه نصوص الشرع، مما يطرق أسماع المسلمين في كل وقت وحين، من وصف الله ورسوله للصحابة بأحسن الصفات، والثناء عليهم بأجمل الثناء، والشهادة لهم بالإيمان والتقوى، وأن الله قد رضي عنهم ورضوا عنه، وأعدلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، وأن رسوله قد مات وهو راض عنهم، مبشرهم بالخير من ربهم.
ولذا فإن طعن هذا الرافضي في الصحابة بما يقدح في دينهم، وعدم تمسكهم بالشرع، لا أرى أنه يحتاج إلى تكلف رد، لرسوخ الاعتقاد في الأمة بعدالتهم، واستفاضة النصوص بعلو شأنهم في الدين ومكانتهم.
وإنما أشير هنا على وجه الخصوص، إلى كذب ما ادعاه الرافضي من توسع عمر ﵁ في الاجتهاد والعمل برأيه مقابل النصوص، لخشية التلبيس في هذا الأمر على من لا علم عنده من العامة وأهل الجهل.
وبيان كذبه وفساد ما ادعاه في ذلك يكون من عدة وجوه.
الوجه الأول: أن هذه دعوى مجردة عن الحجة والدليل، لا قيمة لها عند أهل النظر والتحقيق، إذ المؤلف لم يقدم عليها دليلاً واحداً، يدل على ثبوت ما ادعاه.
الوجه الثاني: أن الطعن في عمر بهذا قدح في النبي ﷺ الذي أوصى الأمة باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين، وقد كان عمر منهم، وذلك في