للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا كان علي بن أبي طالب يغبطه على ما كان عليه من الخير

وتمنى لو لقي الله بمثل عمله كما ثبت في الصحيحين من حديث

ابن عباس أنه قال: (وضع عمر على سريره فتكنّفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يَرُعْني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إليّ أن ألقي الله بمثل عمله منك، وأيم الله إنْ كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كثيراً أسمع النبي يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر). (١)

وقد كان ابن عباس إن لم يجد للمسألة حكماً في الكتاب أو السنة أفتى بقول أبي بكر وعمر، على ما روى الدارمي بسنده عن عبد الله بن أبي زيد قال: (كان ابن عباس إذا

سئل عن الأمر فكان في القرآن أخبر به، وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله أخبر به، فإن لم يكن فعن أبي بكر وعمر، فإن لم يكن قال فيه برأيه). (٢)

ففي هذه النقول عن الصحابة المتضمنة حسن الثناء على عمر، ورسوخ قدمه في الدين، وعظم شأنه في العلم والعمل بالسنة، أكبر دليل على دحض دعوى الرافضي الجائرة، كما أن في موقف علي من عمر على وجه الخصوص إلزاماً لهذا الرافضي بقول من يعتقد إمامته ويدعي عصمته. فإذا كان عمر على ما يعتقد فيه هذا الرافضي من القول بالرأي، وترك السنة، فلِمَ يتمنى علي أن يلقى الله بمثل عمله ولِمَ يفتى ابن عباس وهو الإمام الجليل من أئمة أهل البيت بقوله أم أن علياً وابن عباس كانا ضالين في هذا!!

الوجه الرابع: أن الثابت من سيرة عمر وأقواله المأثورة عنه،


(١) أخرجه البخاري في: (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب)، فتح الباري ٧/ ٤١، ح ٣٦٨٥، ومسلم: (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر) ٤/ ١٨٥٩، ح ٢٣٨٩.
(٢) سنن الدارمي ١/ ٧١.

<<  <   >  >>