للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انقطع هذا الصنف بعز الإسلام وظهوره، وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي

وقال جماعة من العلماء: هم باقون لأن الإمام ربما احتاج أن يستأنف على الإسلام، وإنما قطعهم عمر لما رأي من إعزاز الدين.

قال يونس: سألت الزهري عنهم فقال: لا أعلم نسخاً في ذلك.

قال أبو جعفر النحاس: فعلى هذا الحكم فيهم ثابت، فإن كان أحد يحتاج إلى تألفه، ويخاف أن تلحق المسلمين منه آفة، أو يرجى أن يحسن إسلامه بعد، دُفِعَ إليه.

قال القاضي عبد الوهاب: إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أُعطوا من الصدقة.

وقال القاضي ابن العربي: الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم كما كان رسول الله يعطيهم فإنّ في الصحيح (بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ) (١)». (٢)

ومن خلال هذا العرض لأقوال الصحابة والعلماء في المسألة يتبين لنا أمران:

الأول: أن القول بمنع المؤلفة قلوبهم عطاياهم لما قوي الإسلام لم يكن قول عمر وحده، وإنما هو قول عامة الصحابة، وهو الذي درج عليه عمل الخليفتين الراشدين من بعد عمر: عثمان وعلي، كما نقل ذلك العلماء عنهم، فلِمَ التشنيع على عمر في قول شاركه فيه عامة الصحابة، وكان على العمل به الخليفتان الراشدان من بعده (عثمان وعلي) !! وإذا كانت الرافضة تعتقد في علي أنه الإمام المعصوم من الخطأ، المنزه عن السهو، والغفلة، والزلل،

فما بال هذا الرافضي يطعن في عمر في أمر قد


(١) أخرجه مسلم: (كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً) ١/ ١٣٠، ح ١٤٥.
(٢) تفسير القرطبي ٨/ ١٦٨.

<<  <   >  >>