انقطع هذا الصنف بعز الإسلام وظهوره، وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي
وقال جماعة من العلماء: هم باقون لأن الإمام ربما احتاج أن يستأنف على الإسلام، وإنما قطعهم عمر لما رأي من إعزاز الدين.
قال يونس: سألت الزهري عنهم فقال: لا أعلم نسخاً في ذلك.
قال أبو جعفر النحاس: فعلى هذا الحكم فيهم ثابت، فإن كان أحد يحتاج إلى تألفه، ويخاف أن تلحق المسلمين منه آفة، أو يرجى أن يحسن إسلامه بعد، دُفِعَ إليه.
قال القاضي عبد الوهاب: إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أُعطوا من الصدقة.
وقال القاضي ابن العربي: الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم كما كان رسول الله ﷺ يعطيهم فإنّ في الصحيح (بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ) (١)». (٢)
ومن خلال هذا العرض لأقوال الصحابة والعلماء في المسألة يتبين لنا أمران:
الأول: أن القول بمنع المؤلفة قلوبهم عطاياهم لما قوي الإسلام لم يكن قول عمر وحده، وإنما هو قول عامة الصحابة، وهو الذي درج عليه عمل الخليفتين الراشدين من بعد عمر: عثمان وعلي، كما نقل ذلك العلماء عنهم، فلِمَ التشنيع على عمر في قول شاركه فيه عامة الصحابة، وكان على العمل به الخليفتان الراشدان من بعده (عثمان وعلي) ﵄!! وإذا كانت الرافضة تعتقد في علي ﵁ أنه الإمام المعصوم من الخطأ، المنزه عن السهو، والغفلة، والزلل،
فما بال هذا الرافضي يطعن في عمر في أمر قد
(١) أخرجه مسلم: (كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً) ١/ ١٣٠، ح ١٤٥.
(٢) تفسير القرطبي ٨/ ١٦٨.