حكم به الإمام المعصوم عنده، طيلة مدة خلافته، وسنه للأمة من بعده؟!
الثاني: أن منع المؤلفة قلوبهم من عطاياهم، في حال عز الإسلام وعدم الحاجة إليهم لا يقتضي سقوط سهمهم بالكلية عند المانع لهم في تلك الحال، وبالتالي فنسبة القول بسقوط سهم المؤلفة قلوبهم بالكلية لعمر ولغيره من الصحابة بمنعهم أهل التأليف عطاياهم في ذلك العهد، تبقى محل نظر، حتى يرد النص الصحيح منهم بالتصريح بالحكم المذكور. وهذا مما تندفع به مطاعن الرافضي على عمر، في دعواه أنه عطل سهم المؤلفة قلوبهم، مع ثبوته في كتابه الله تعالى.
الوجه السادس: أن ما يثبت عن عمر ﵁ من القول بالرأي، ثبت عن علي مثله، أو أكثر منه في مسائل هي أعظم من المسائل التي تكلم فيها عمر، فالقدح في عمر بهذا، قدح في علي من باب أولى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه ﵀ في رده على الرافضي في طعنه على عمر بالقول بالرأي: «والجواب أن القول بالرأي، لم يختص به عمر ﵁ بل علي كان من أقولهم بالرأي، وكذلك أبوبكر، وعثمان، وزيد، وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة ﵃ كانوا يقولون بالرأي، وكان رأي علي في دماء أهل القبلة ونحوه من الأمور العظائم.
كما في سنن أبي داود وغيره عن الحسن عن قيس بن عباد قال:
قلت لعلي:(أخبرنا عن مسيرك هذا أعهد عهده إليك رسول الله ﷺ أم رأي رأيته؟ قال: ما عهد النبي ﷺ إليّ شيئاً ولكنه رأي رأيته)(١)
وهذا أمر ثابت، ولهذا لم يرو علي ﵁ في قتال الجمل وصفين شيئاً، كما رواه في قتال الخوارج، بل روى الأحاديث الصحيحة هو وغيره من الصحابة في قتال الخوارج المارقين، وأما قتال الجمل وصفين فلم يرو أحد منهم فيه نصاً، إلا القاعدون فإنهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة.
(١) أخرجه ابو داود في: (كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة) ٥/ ٥٠.