هذه الجملة المذكورة قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا أذنب الرجل نكُتت على قلبه نكتة سوداء فإذا أذنب ثانياً نكتت أخرى فلا يزال كذلك حتى يصير قلبه كلون الشاة الرمداء ". وفي خبر آخر:" الذنب على الذنب حتى يسود القلب فلا تُرجى له الإنابة ". وكذا حال الإنسان فيما يتعاطاه من فعل الخير فإن من صبر في اقتراف الحسنة أورثه صبره حسناً كما وصف الله به الصابرين في مواضع من كتابه قال تعالى:(ومن يقترف حسنة نزد له فيه حسناً) . فإن استمر في ذلك بعض الاستمرار اهتز ونشط وانشرح به صدره كما قال تعالى:(فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) . فإن دام على ذلك امتحن وتطهر قلبه كما قال الله تعالى:(أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) . ويكون كما وصفه في هذه السورة:(ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم) . فإن تزايد في فعله إنضم إليه من الله تعالى باعثٌ يهزه وداع يبعثه عليه كما قال الله تعالى:(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم) . فحق الإنسان أن لا يسامح نفسه في الاجتهاد وأن لا يخلّ بخير تعوّده ولا يرخص لها في شر ارتكبه، فتعاطي صغير الذنب يفضي إلى ارتكاب الكبير، والإخلال بقليل الخير يؤدي إلأى الإخلال بكثير كما قال الشاعر:
وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه ... وأول الغيث قطر ثم ينسكب