للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"صحيحي البخاري ومسلم" بصيغة التدليس عن ثقات المدلسين فمقبول؛ لتلقي الأمة لما جاء فيهما بالقَبول من غير تفصيل.

[المضطرب:]

أ - تعريفه ب - حكمه:

أ - المضطرب:

ما اختلف الرواة في سنده، أو متنه، وتعذر الجمع في ذلك والترجيح.

مثاله: ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أراك شبت قال: "شيبتني هود وأخواتها" (١) . فقد اختلف فيه على نحو عشرة أوجه: فروي موصولاً ومرسلاً، وروي من مسند أبي بكر وعائشة وسعد، إلى غير ذلك من الاختلافات التي لا يمكن الجمع بينها ولا الترجيح.

فإن أمكن الجمع وجب، وانتفى الاضطراب.

مثاله: اختلاف الروايات فيما أحرم به النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع، ففي بعضها أنه أحرم بالحج، وفي بعضها أنه تمتع، وفي بعضها أنه قرن بين العمرة والحج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا تناقض بين ذلك، فإنه تمتع تمتع قران، وأفرد أعمال الحج، وقرن بين النسكين العمرة والحج، فكان قارناً باعتبار جمعه النسكين ومفرداً باعتبار اقتصاره على أحد الطوافين والسعيين، ومتمتعاً باعتبار ترفهه بترك أحد السفرين (٢) .

وإن أمكن الترجيح عمل بالراجح، وانتفى الاضطراب أيضاً.

مثاله: اختلاف الروايات في حديث بريرة رضي الله عنها حين عتقت فخيرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بين أن تبقى مع زوجها أو تفارقه؛ هل كان زوجها حرًّا أو عبداً؟ (٣)

فروى الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنه كان حرًّا، وروى عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر عنها أنه كان عبداً، ورجحت روايتهما على


(١) رواه وذكر طرقه وعلله والاختلاف فيها، وبتوسع محمود ومرضي: الإمام الدارقطني في كتابه العظيم "العلل الورادة في الاحاديث النبوية" (١/١٩٣-٢١١ سؤال ١٧) . فينظر لمن شاء التوسع.
(٢) ذكره ابن القيم في "زاد المعاد" (٢/١٢١- الرسالة) .
(٣) أ- كان عبداً. رواه مسلم (١٥٠٤) كتاب العتق، ٢-باب إنما الولاء لمن أعتق من طريق عروة والقاسم. ب- كان حرًّا. روا البخاري (٦٧٥١) كتاب الفرائض، ١٩- باب الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط. قال الحكم: وكان زوجها حرًّا. قال البخاري: وقول الحكم مرسل. ورواه (٦٧٥٤) كتاب الفرائض، ٢٠- باب ميراث السائبة. ثم قال: قال الأسود: وكان زوجها حراً. قال البخاري: قول الأسود منقطع. وقول ابن عباس: (رأيته عبداً) أصح.

<<  <   >  >>