يتيماً وطاف بالبلاد والآفاق؛ لطلب الحديث فسمع من مشايخ العصر في الحجاز والعراق والشام واليمن، وعني عناية عظيمة بالسنة والفقه حتى عده أهل الحديث إمامهم وفقيههم.
وقد أثنى عليه العلماء في عصره وبعده، فقال الشافعي: خرجت من العراق، فما رأيت رجلاً أفضل، ولا أعلم، ولا أورع، ولا أتقى من أحمد بن حنبل، وقال إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه، وقال ابن المديني: إن الله أيّد هذا الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الردة، وبأحمد بن حنبل رحمه الله يوم المحنة، وقال الذهبي: انتهت إليه الإمامة في الفقه، والحديث، والإخلاص، والورع وأجمعوا على أنه ثقة حجة إمام. اهـ.
توفي في بغداد سنة ٢٤١هـ عن سبعة وسبعين عاماً.
وقد خلف للأمة علماً كثيراً، ومنهجاً قويماً، رحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيراً.
[آداب العالم والمتعلم]
فائدة العلم وثمرته: العمل بما علم، فمن لم يعمل بما علم كان علمه وبالاً عليه، وحجة عليه يوم القيامة، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:"والقرآن حجة لك أو عليك"(١) .
ولكل من العالم والمتعلم آداب ينبغي مراعاتها، منها ما هو مشترك بينهما، ومنها ما هو مختص بأحدهما.
فمن الآداب المشتركة:
١ - إخلاص النية لله؛ بأن ينوي بتعلمه وتعليمه التقرب إلى الله، بحفظ شريعته، ونشرها، ورفع الجهل عنه وعن الأمة، فمن نوى بتعلمه العلم الشرعي شيئاً من الدنيا؛ فقد عرَّض نفسه للعقوبة، ففي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
"من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا؛ لم
(١) رواه مسلم (٢٢٣) كتاب الطهارة، ١- باب فضل الوضوء.