للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا} ١.

هَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ أَمْ عَلَى التَّخْيِيرِ.

فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنُ حَنْبَلٍ فِي جَمَاعَةٍ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ، أَوْ قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا قُتِلُوا وَصُلِبُوا وَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا، قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ مِنْ خِلافٍ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ نُفُوا٢.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي إِقَامَةِ أَيِّ الْحُدُودِ شَاءَ سَوَاءٌ قَتَلُوا أَمْ لَمْ يَقْتُلُوا، أَخَذُوا الْمَالَ أو لم يأخذوا٣.


١ الآية (٣٣) من سورة المائدة.
٢ أورد المؤلف هذا القول بنصه في زاد المسير٢/ ٣٤٥ عن الإمام أحمد، ويقول النحاس: "إن الذين قالوا بالترتيب اضطربوا في آرائهم ... فذكر قول بن عباس: "إذا خرج وقتل، قتل. وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله ونفى، وإن أخذ المال وقتل، قتل" وقال عن أحمد بن حنبل: "إن قتل قتل، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله" انتهى من الناسخ والمنسوخ (١٢٧).
وجاء في المغني روايتان عن الإمام أحمد، فيمن قتل ولم يأخذ المال، أنه يقتل ويصلب، والرواية الثانية أنه يقتل فقط، وقال ابن قدامة والأولى أصح. لأن الخبر المروي فيهم قال فيه: "ومن قتل ولم يأخذ المال" ولم يذكر صلباً. انظر: المغني ١٠/ ٣٠٩ - ٣١٠.
٣ ذكر المؤلف هذا القول بنصه عن مالك في المصدر السابق، وأورده مكي ابن أبي طالب في الإيضاح ص: ٢٣٣. كما أورده ابن العربي عن سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء وإبراهيم في أحكام القرآن ٢/ ٥٩٩، ويقول الإمام الشافعي رحمه الله: "إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال، ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا هربوا طلبوا حتى يوجدوا فتقام عليهم الحدود، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً، نفوا من الأرض". انظر: أحكام القرآن للشافعي ١/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>