للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أحدهما: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الرَّسُولِ التَّبْلِيغُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الاقْتِصَارَ عَلَى التَّبْلِيغِ دُونَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ١ وَالأَوَّلُ أَصَّحُ٢.

ذِكْرُ الآيَةِ الثَّامِنَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ٣.

لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا قَوْلانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ: قَالَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ هِيَ تَتَضَمَّنُ كَفَّ الأَيْدِي عَنْ قِتَالِ (الضَّالِّينَ) ٤ فَنُسِخَتْ. وَلَهُمْ فِي ناسخها قولان:

أحدهما: آيَةُ السَّيْفِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ آخِرَهَا نَسَخَ أَوَّلَهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ جَمَعَتِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ غير هذه وموضع الْمَنْسُوخِ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ: {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ} والناسخ قوله: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} والهدى ها هنا الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ٥.


١ ذكره ابن حزم في ناسخه (٣٣٧) وابن سلامة في ناسخه ص: ٤٢.
٢ قلت: لم يعرض النحاس والمكي لدعوى النسخ هنا. وقد ذكره المؤلّف في زاد المسير٢/ ٤٣٢، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (٦) عن بعضهم. ورجّح فيه إحكام الآية.
٣ الآية (١٠٥) من سورة المائدة.
٤ في (م): بلا نقاط.
٥ ذكر ذلك هبة الله في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: ٤٢، كما ذكر نحوه ابن العرب في أحكام القرآن٢/ ٧٩ عن بعض العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>