للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمفسرين فيه قولان:

أحدهما: أَنَّهُ اقْتَضَى الاقْتِصَارَ فِي حَقِّهِمْ عَلَى الإِنْذَارِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا١.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهُ لَسْتُ حَفِيظًا عَلَيْكُمْ إِنَّمَا أَطْلُبُكُمْ بِالظَّوَاهِرِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَالْعَمَلِ، لا بِالأَسْرَارِ. فَعَلَى هَذَا هُوَ مُحْكَمٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. يُؤَكِّدُ أَنَّهُ خَبَرٌ وَالأَخْبَارُ لا تُنْسَخُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ ٢.

ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ٣.

الْمُرَادُ بِهَذَا الْخَوْضِ: الْخَوْضُ بِالتَّكْذِيبِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَاضُ الْمَذْكُورُ ههنا منسوخاً بآية السيف٤.


١ ذكره مكي بن أبي طالب عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، ثم قال: "والرواية عن ابن عباس بذلك ضعيفة". انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص: ٢٤٢.
٢ انظر كلام النحاس في كتابه (الناسخ والمنسوخ ص: ١٣٦ - ١٣٧، وهو اختيار مكي بن أبي طالب في المصدر السابق، حيث قال: "لا يحسن نسخ هذا، لأنه خبر والمعنى الصحيح أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ليس حفيظاً على من أرسل إليه بحفظ أعماله إنما هو داع ومنذر ومبلغ -ومثله في الاختلاف {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} كله محكم غير منسوخ" وللمؤلف كلام شبيه لما ذكره هنا في تفسيره ٣/ ٦١، وفي مختصر عمدة الراسخ الورقة السادسة.
٣ الآية (٦٨) من سورة الأنعام.
٤ قلت: لم يتعرض لدعوى النسخ في هذه الآية المؤلف في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ، كما لم تتعرض له أمهات كتب النسخ المعتبرة، ولا كتب التفسير كجامع البيان وتفسير القرآن العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>