للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ١ أَيْ: مِنْ كُفْرِ الْخَائِفِينَ وَإِثْمِهِمْ، وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} ٢.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: بنا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَبْنَا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حدثني أبي، قال: بنا إِسْحَاقُ بُنْ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قَالا: نَسَخَهَا: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا} ٣ الآية.

قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: هَؤُلاءِ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ كَانَ أَصْلَحَ٤ وَكَانَ (مَعْنَاهَا) ٥ عِنْدَهُمْ إِبَاحَةَ مُجَالَسَتِهِمْ وَتَرْكَ الاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ لِأَنَّهَا خَبَرٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَعْنَى: مَا عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنْ آثَامِهِمْ إِنَّمَا يَلْزَمُكُمْ إِنْذَارُهُمْ٦.


١ الآية (٦٩) من سورة الأنعام.
٢ الآية (١٤٠) من سورة النساء.
٣ أخرجه الطبري في جامع البيان٧/ ١٤٩ عن السدي وابن جريج، وأخرجه النحاس في ناسخه (١٣٧) بسند ضعيف عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وذكره مكي بن أبي طالب عنه بدون إسناد في الإيضاح (٢٤٣).
٤ قلت: ليس هذا اعترافاً منه إنما ذكره على طريق الإلزام بدليل قوله فيما بعد: "والصحيح أنها محكمة".
٥ في (هـ): معناه بالتذكير.
٦ قلت: أعرض المؤلف عن ذكر هذه الآية في مختصر عمدة الراسخ، وأورد دعوى النسخ في تفسيره ٣/ ٦٣ ثم علق على ذلك بقوله: "والصحيح أنها محكمة. لأنها دلت على أن كل عبد يختص بحساب نفسه، ولا يلزمه حساب غيره" وهكذا فند الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب دعوى النسخ هنا وأثبت الإحكام لكونها خبر. انظر: المصادر الثلاثة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>