للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر: وبنا موسى بن هارون، قال: بنا الحسين، قال: بنا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} قَالَ: نُسِخَ هَذَا بَعْدُ، فَقَالَ: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} ١.


١ الآية (١٩١) من سورة البقرة و (٩١) من سورة النساء.
قلت: أخرج قول النسخ عن قتادة ابن جرير الطبري في المصدر السابق، كما ذكره النحاس في ناسخه ص: ١٧٩، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (٢٨٥) عن سعيد عن قتادة، وذكر النسخ أيضاً المؤلف في زاد المسير٤/ ٤١٢، ومختصر عمدة الراسخ ورقة (٩) لكن هؤلاء لم يناقشوا قضية النسخ كأن وقوع النسخ هنا مسلم لديهم.
ويقول ابن كثير: بعد عزو قول النسخ إلى مجاهد وقتادة: "وهو كما قالا: فإن هذه مكية، والقتال إنما شرع بعد الهجرة". انتهى، من تفسير القرآن العظيم ٢/ ٥٥٦.
وأما القرطبي فيقول في تفسيره ١٠/ ٥٤ بعد إيراد دعوى النسخ عن قتادة وعكرمة ومجاهد: "قيل: ليس بمنسوخ وأنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم والصفح الإعراض عن الحسن وغيره".
ويقول الخازن في تفسيره ٣/ ١٠١ بعد إيراد قول النسخ: "قيل: فيه بعد، لأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يظهر الخلق الحسن، وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف، يعني: ولو كان الصفح منطوياً على حقد لما كان الصفح جميلاً".
ويقول الشيخ مصطفى زيد في كتابه النسخ في القرآن الكريم ٢/ ٥٣٧ وهو يرد دعوى النسخ في هذه الآية: "ونحن لا نرى تلازماً بين كون هذه الآية مكية وكونها منسوخة، فما ذهب إليه ابن كثير من قبوله دعوى النسخ، اعتماداً على مكية الآية، ومشروعية القتال بعد الهجرة - ليس صحيحاً ولا لازماً عندنا، وبخاصة أن الله عزوجل توعدهم - على أنه قد وقع منهم ما يقتفي الصفح عنهم - بعذابه قي الآخرة فإن يكن بد من الربط بين الأمر بالصفح عنهم والأمر بقتالهم - فإن الأمر بالصفح أناء للقتال فلا ينافيه وهذا حسم وإبطال لدعوى النسخ لا سبيل للاعتراض عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>