للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ} ١.

قَدْ زَعَمَ قَوْمٌ: أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِقِتَالِهِمْ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ٢. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَقِيلَ: لا تَحْزَنْ بِمَا أَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيَا، وَلا وَجْهَ للنسخ، وَكَذَلِكَ قَالَ: أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ، قَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ٣.

ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} ٤.

زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهَا نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ٥. لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُ: اقْتَصَرَ عَلَى الإِنْذَارِ، وَهَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَتَضَمَّنُ هَذَا، ثُمَّ هِيَ خبر فلا وجه للنسخ٦.


١ الآية (٨٨) من سورة الحجر.
٢ ذكره ابن حزم في ناسخه (٣٤٣) وابن سلامة في ناسخه (٥٨) وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (٢٧).
٣ قلت: لم يذكر الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب والمؤلف في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ، دعوى النسخ في هذه الآية إذ لم يعتبروا هذا القول الضعيف جديراً بالذكر.
٤ الآية (٨٩) من سورة الحجر.
٥ قال ابن حزم: "نسخ معناها ولفظها بآية السيف" وقال ابن سلامة: "نسخ معناها لا لفظها". انظر: المصدرين السابقين.
٦ قلت: لم يعدها المؤلف في مختصر عمدة الراسخ من المنسوخة وقد ذكرها في تفسيره ٤/ ٤١٦ بدون رد ولا تعليق، وأعرض عن ذكره النحاس ومكي بن أبي طالب في ناسخيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>