للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشُّحُومُ) ١ كَانَتْ مُبَاحَةً ثُمَّ حُرِّمَتْ فِي دِينِ مُوسَى، فَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ فَقَدْ خَالَفُوا فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى.

فَصْلٌ: وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: لا يَجُوزُ النَّسْخُ إِلا عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ٢ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ إِذَا أَجَازَ النَّسْخَ فِي الْجُمْلَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِلرِّفْقِ بِالْمُكَلَّفِ، كَمَا جَازَ لِلتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا (دَعْوَى مَنِ ادَّعَى) ٣ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ أَخْبَرَ أَنَّ شَرِيعَتَهُ لا تُنْسَخُ فَمُحَالٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ الرَّاوُنْدِيِّ٤ عَلَمَّهُمْ أَنْ يَقُولُوا: أَنَّ مُوسَى قَالَ: لا نَبِيَّ بَعْدِي. وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ قَوْلُهُمْ لَمَا ظَهَرَتِ الْمُعْجِزَاتُ عَلَى يَدِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، لِأَنَّ اللَّهَ تعالى [لا يصدق] بالمعجزة


١ في (هـ) سحوم، وهو تصحيف. وأما حرمتها لليهود فقد قال الله تعالى في سورة الأنعام (١٤٦) {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.
٢ القائلون بذلك بعض العنانية، كما تقدم آنفاً.
٣ في (هـ): وأما دعى من ادعى وهو تحريف عما سجلت.
٤ في (م) و (هـ): ابن الريوندي، وهو تحريف عما أثبت، وهو أبن الراوندي المشهور بالإلحاد والزندقة اسمه أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو الحسين الراوندي ابن الراوندي البغدادي، من علماء الفلاسفة. له من الكتب المؤلفة مائة وأربعة عشر كتاباً. توفي سنة (٢٩٨هـ) انظر: وفيات الأعيان ١/ ٧٨؛ والبداية والنهاية١١/ ١١٢؛ وشذرات الذهب٢/ ٢٣٥ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>