للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ كَذَّبَ مُوسَى فَإِنْ أَنْكَرُوا مُعْجِزَةَ عِيسَى لَزِمَهُمْ ذَلِكَ فِي مُعْجِزَةِ مُوسَى، فَإِنِ اعْتَرَفُوا بِبَعْضِ مُعْجِزَاتِهِ، لَزِمَهُمْ تَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ (لِأَنَّهُ قَالَ: لا نَبِيَّ بَعْدِي [وَمِمَّا] يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِمْ فِيمَا ادَّعَوْا أَنَّ الْيَهُودَ مَا كَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ شَيْءٍ.

وَكَانَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، وَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالرَّجْمِ عَمَلا بِمَا فِي شَرِيعَةِ مُوسَى١ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَهَلا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَوِ احْتَجُّوا لَشَاعَ نَقْلُ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ ابْتُدِعَ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا قَوْلُ من قال: [إن عيسى و] محمداً = عَلَيْهِمَا السَّلامُ = كَانَا نَبِيَّيْنِ لَكِنَّهُمَا لَمْ يُبْعَثَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَغْفِيلٌ مِنْ قَائِلِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ فَقَدْ أَقَرَّ بِصِدْقِهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ لا يَكْذِبُ، وَقَدْ كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ يُخَاطِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً" ٢ وَيُكَاتِبُ مُلُوكَ الأعاجم٣.


١ رواه مسلم في كتاب الحدود في باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا. انظر: صحيح مسلم بشرحه للنووي٢/ ٥٤.
٢ رواه البخاري في باب التيمم، بلفظ: " بعثت إلى الناس عامة". انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري١/ ٤٥٥.
٣ جاء ذلك في الحديث السادس من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>