وأكثر من الآراء.، كانت الوقائع نفسها تأذن بالتفاؤل: إن سلسلة من ردود الأفعال الثورية تتابعت حلقاتها مباشرة بعدها.
فالأولى من الثورات وقعت في اليمن في العام نفسه بقيادة عبد الله الوزير، ثم الثورة التي قضت على الملكية في مصر شهر تموز (يوليو) سنة ١٩٥٢، فكانت بذلك تعبر أكثر من غيرها، عن الوضعية الجديدة التي أصبحت تسود العقول والنفوس في العالم العربي، بعد الإساة الفلسطينية.
ثم أتت العاصفة التي مسحت العرش الهاشمي وكنست حطامه من بغداد، وبالتالي انتابت الين الزوبعة الثورية الثانية، فأصبح النظام الجمهوري كما يبدو مستقرا بصورة نهائية، على الرغم مما هنالك من تشكك تبديه الصحافة في الغرب مثل (لوموند) حيث ترى الوضع يتطور نحو استفتاء الشعب اليمني.
ولم يكن إذن من اتخذ، منذ عشرين سنة، موقفا تفاؤليا قد تعدى حدود العقول في القضية.
ولكن إذا نظرنا إلى الأشياء، من الناحية الإجتماعية، وأخذنا مقياسا للموازنة، التطور الذي حصل في إسرائيل في الفترة نفسها، كما يصفه (بن بركة)، فسنجد أنفسنا مضطرين للاعتراف، بأننا إذا قررنا أن الرأي العربي المتنور لم يتعد منذ عشرين سنة القول، وأنه لم يصرف سندا بدون رصيد، فإنه يجب علينا أن نعترف أن ذلك الرصيد قد تبخر.
وليست هذه الحالة الوحيدة، التي نشاهد فيها تعقيم حدث كبير ليفقد الإطراد التاريخي طاقته التغييرية.
إن مؤتمر باندونج كان أيضا حدثا عظيما، توقع منه الناس آثارا كبيرة في العالم لكنه عقم في الطريق، فلم يلد شيئا.