للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن هذا العرض يهمنا قطعا في حد ذاته، ولكنه يهمنا أكثر بوصفه مقياسا نقدر به التطور الإجتماعي والأخلاقي والسياسي في العالم الإسلامي.

يجب علينا أن نضع جنبا إلى جنب واقعتين: مولد إسرائيل، وهجرة السكان العرب المطرودين من بيوتهم. ونقدر بالموازنة أثرهما في المجتمعين أو الأمتين، دون أن ننسى أن الحدث كان قد اتخذ في العالم العربي حجم الكارثة.

ولكن المقدرين لنتائجه، عدوا وقعه على الضمير الإسلامي سيكون له أثر حسن. ومن بين هذه التكهنات نذكر، على سبيل المثال، ما كتبته (الجمهورية الجزائرية) في عدد ٩ كانون الأول (ديسمبر) سنة ١٩٤٩، تعليقا على مقالة للدكتور (ناظم القدسي) فقالت ((إن الهزيمة التي حلت بالخليط من الدول العربية، يبدو أنها أيقظت شعوب الشرق المتوسط من النوم الذي غمستهم فيه قياداتهم.

هذا التعليق يحمل كما لا يخفى، نبرة تفاؤلية واضحة، لم تكن خاصة في ذلك العهد، بالصحيفة التي نذكرها.

واليوم، بعد عشرين سنة، وفي ضوء ما نراه (١) نجد أنفسنا مضطرين للاعتراف بأن هذا التفاؤل لم يتحقق.

ومن هنا يطرح السؤال: هل كان ذلك نتيجة خطأ خاص بذلك العهد في تطور الموقف، أم حدث بسبب عامل فعل فعله السلبي أثناء الإطراد منذ ذلك العهد حتى كانت نتيجته تكذيبا للتقديرات؟!.

إننا نرد الاحتمال الأول، لأن الدكتور ناظم القدسي لم ينفرد بين الزعاء العرب برأيه المعبر عن استرجاع الوعي الإسلامي، بعد الكارثة.


(١) لم نكن قد رأينا بعد هزيمة حزيران، لأن هذه السطور كتبت قبلها بشهر.

<<  <   >  >>