لكن على العكس من ذلك فإن الأبواب انغلقت في وجه أولئك المجاهدين، وأحيانا بطريقة مخزية.
أما من الناحية السياسية، فقد كانت القيادة العربية تستطيع بعض الشيء.
كانت تستطيع مثلا أن تعلن في وجه العالم جمهورية فلسطين، إعلانا يوقف الأشياء عند حدها في موسكو وباريس وواشنطن، أو يكشف عن السرائر ويمزق القناع عن النفاق الذي استطاعت به الدول الكبرى أن تعترف، من دون أن تريق ماء وجهها بإسرائيل باسم ديمقراطية مزعومة.
فلو أعلن العرب الجمهورية الفلسطينية لقطعوا السبيل على ذلك النفاق، ولكن ياللويل! كان عبد الله يريد امبراطورية وفاروق يريد خلافة!!
ولا نريد الحديث هنا عن ذلك الجانب المضحك المبكي- إذ شر البلية ما يضحك- عندما تصبح الرصاصات العربية تقتل من يطلقها، وطلقات المدافع تعجز المدافع لأنها ليست على القياس.
كل هذا كان مبيتا، مرتبا، منظما كفصول مسرحية: فالصهيونية لم تكن تريد فحسب كسب جولة، بل كانت تستهدف على الخصوص تحقير الجانب العربي، ويجب أن نعترف بأن هذا الجانب قد تطوع في هذا السبيل، فمثل في المسرحية (جالوتا) مزيفا قائما على قدمين من طين، أمام (داود) مزيف أيضا لأنه كان مدرعا بالسلاح.
إن إسرائيل ولدت هكذا، منذ ما يقارب العشرين عاما.
ولكن ما الجديد في الموضوع منذ ذلك العهد؟.
إن (الثورة الإفريقية) نشرت منذ أيام مقالا لـ (بن بركة)، يصب سؤالنا في حاجز أحر من الجمر، ويضعنا أمام ظاهرة تجعلنا نرى إسرائيل في حد ذاتها، من حيث تطورها، ومطامحها، ودورها في العالم.