عندها لن يكون تقاعسا عن مواصلة الكفاح، بل هو الحافز على مواصلته مع شعور أشد رهافة بمسؤوليتنا، وتصور أكثر وضوحا لجوانب الضعف فينا ولأخطائنا التي تسببت في الإرتخاء الذي طبع الرحلة السابقة.
وبعبارة أخرى: من يندم يتقدم.
وكم نود لو يعود العرب إلى أنفسهم فيحاسبونها حسابا ينجيهم. فالأشياء التي نواجهها ثقيلة، وتفرض علينا لحظة تأمل شامل، لا هوادة فيه.
إن ساعة الحقيقية قد دقت في العالم العربي، كما دقت في أوربا في شهر حزيران (يونيو) سنة ١٩٤٠، وكما تدق كل مرة يكون فيها للمرء حساب مع نفسه.
ولا يجوز لنا كل مرة نشعر فيها بأننا نختنق بحقيقة أن نبتلعها مع ريقنا بسبب اعتبارات شكلية.
إن ساعة الحقيقة قد دقت في العالم العربي، وإنه من حسن حظه، في المأزق الحرج الذي يجد فيه نفسه، أن يغتنم الفرصة لمحاسبتها حسابا شديدا أي ألا يقف في منتصف الطريق في مراجعة الأخطاء.
إن للحالات الحرجة فضلا، حين يتحرر فيها المرء من بعض العقد ومن مراعاة الشكليات، ويستطيع المضي في تأمله إلى أعماق الأشياء، من دون تحفظ دبلوماسي.
وهي فرصة استثنائية لا يجوز إهمالها، بل يجب على العالم العربي أن يغتنمها وقد رأينا أمة أخرى تقوم بهذه المحاسبة طيلة ستة أشهر، يوم أعلنت الصين بعد انتصارها ما سمته (حملة الإعتراف)، ونعلم ما كان من أثر لهذه المعالجة في أمة تمثل ربع الإنسانية.