أولا: لأنهم زهدوا (هل زهدوا فقط) في تنمية روح باندونج، بما لديهم من وسائل، وفي مستوى مسؤولياتهم، حتى يصبح محصنا من سائر المناورات المكشوفة، أو التي تسري تحت الأرض؟ وأضيف بأننا لو قدرنا مسؤولياتهم، فقط لوجود (السكرتيرية الدائمة لتضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية) في القاهرة لعددنا مسؤوليتهم شيئا له وزن. بينما لو سألنا المسؤول العربي عن حصيلة مهمته الأفرسيوية أثناء إشرافه على السكرتيرية، فإنني أشك في أن تكون هذه الحصيلة إيجابية.
وعليه فمنذ البداية لم يفعل الإستعمار شيئا سوى أنه استغل سائر الثغرات ومن بينها ثغراتنا نحن العرب.
وإنني أذكر على سبيل المثال تصريح إحدى الشخصيات العربية التي حضرت جلسة لهيئة الأمم الإفريقية بالدار البيضاء سنة ١٩٦١ حين قالت: إن القرارات التي اتخذها هذا المؤتمر أهم من قرارات باندونج.
ونحن نتصور كم كان (بن غوريون) في ذلك اليوم مرتاحا لهذا التصريح الواقعي.
وإنا لنرى في الظروف الراهنة كم يندرج موقف الدول الإفريقية الأخير في هيئة الأمم المتحدة بتصويتها لصالح إسرائيل، كم يندرج هذا الموقف في تلك الواقعية قصيرة النظر.
وإنه لأمر عجيب حقا: فنحن حينا بمثاليتنا العرجاء، وحينا آخر بواقعيتنا الخرقاء، نصرف الماء دائما إلى طاحونة الإستعمار.
وبالتالي، فحين يتقرر في القاهرة، اجتماع مؤتمر إفريقي آسيوي مستعجل للتأثير فيما يبدو، على هيئة الأمم، نكتشف أنه لم يبق أي وزن لباندونج، ذلك