للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكي نتصور مدى هذه الكلمة، علينا أن نتصورها في فترة يسودها مناخ الحرب الباردة، ومن هنا نستطيع أن ندرك سائر المسوغات التي كانت تدفع الإستعمار إلى إحباط هذا التجمع الخطير لشعوب العالم الثالث، وبذل سائر جهوده لإحداث التشققات في البناء، وافتعال الانشقاقات في الجماعة.

ولنتساءل: ما هي الطرق التي كانت تسمح له بذلك؟

لم يكن في استطاعته، بطبيعة الحال، أن يقول للشعوب الإفريقية الآسيوية: تفرقي! أو يأمرها بتنكر علني لما قررت، وبالكفر به، وبالردة!

وحتى لو استجاب له بعض الزعماء لنادت الشعوب: بالخيانة.

لم يكن الإستعمار إذن ليتبع طريقا مسدودا يؤدي به إلى مأزق، وهكذا اتخذ سبيلا آخر.

إن الأهمية الأيديولوجية لمؤتمر باندونج، كانت في أنه قد وضع جسرا يربط بين إفريقيا وآسيا كما يبدو في عنوانه وهذه أهمية خطيرة بالنسبة للمعسكر الإمبريالي.

ولا أقول هنا، كل ما قيل عن هذا الجسر في الصحافة آنذاك، إنما ما يهمنا قوله هو إن اهتمام الاستعمار بتحطيمه كان أهتماما بليغا.

وهكذا ولدت منظمة الدول الإفريقية، التي لم تكن سوى بنت سفاح للاستعمار، وإفريقيا التي ولدتما دون أن تعلم من هو أبوها، ودون أن تعلم أن مولدها لم يأت إلى هذا العالم إلا من أجل التفريق بينها وبين آسيا.

كان عملادقيقا رقيقا يجب الاعتراف بذلك.

ولكن الأمر الذي يهمنا، هو أن الأوطان العربية ساعدت على انجازه بطريقتين:

<<  <   >  >>