فكل شيء يزحزح مسؤوليتنا عن عاتقنا، ليضعها على كاهل غيرنا هو شيء لا يعدو أن يلحقنا منه ضرر.
ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينمي في كل مسلم الشعور بمسؤوليته بطريقة تربوية، نذكر منها مع ما نستطيع في ضبط النص هذا الحديث:«إنما هي أعمالم ترد إليكم، كما تكونوا يول عليم».
فالقضايا الإقتصادية لا تند عن دائرة هذا القانون: فمسؤوليتنا فيها لا تقل عن مسؤوليتنا في المجال الأخلاقي.
ولربما يتعذر استعمال هذا النص- ولست على يقين من ذلك- في عهد ما قبل الثورة، لأن الزعماء كانوا يزعمون أنه يجب علينا لمواجهة الإستعمار أن نصنع سهامنا من كل حطب، وزعموا أن (الحقوق) كانت الحطب الموجود في أيدينا.
إنني لا أشك في أن الإستعمار، أو وريثه الإستعمار الجديد، يريد ألا نحتطب إلا من ذلك الحطب إلى نهاية الدنيا، حتى نفقد تماما الشعور بالمسؤولية، كما لا نشك إذا راجعنا تاريخ الجزائر في الحقبة ما بين ١٩٣٤ و ١٩٣٩، أن الذي غير وجهتنا من القيام بالواجبات إلى المطالبة بالحقوق، لم يكن سوى إحدى نتائج تلك الميكيافيلية؛ ففي ضوء هذه التجربة التاريخية، نستطيع الآن الحكم على المؤتمر الإقتصادي الذي انعقد بالجزائر بأنه قد انزلق أيضاً في (المطالبة)، بينما كانت أولى المشكلات تحديد العلاقة بين المواد الخام والعملة، حتى لا تكون الأولى تحت رحمة الثانية في السوق تبعا لألاعيب البورصات العالمية.
أما اليوم، فصاحب العملة هو الذي يحدد وحده تلك العلاقة، باستثناء بعض الصفقات التي تقع على أساس المقايضة بين دولتين.