للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما القانون العام للتبادل التجاري، فهو قائم على سيادة العملة، وهذا القانون يمسح المشكلة الإقتصادية في العالم الثالث، مسحا يطرح معه دائما طبقا للتقديرات النقدية، وأحيانا طبقا للتقديرات السياسية عندما يقرر إنشاء مشروع كبير للتنمية.

إننا نذكر على سبيل المثال، ما حدث لمشروع السد العالي في مصر، عندما كان بناؤه مقررا في البداية عن طريق البنك العالمي للتنمية، ونتذكر كيف أحجمت هذه المؤسسة النقدية العالمية بالتالي، حينما حددت الحكومة المصرية، سنة ١٩٥٥، خطها السياسي بالنسبة للأحلاف العسكرية الجوية، واتخذت بعض التدابير في التسليح للدفاع عن الوطن من عدوان إسرائيل.

ففي هذا الإطار كل محاولة تنمية ما هي إلا سراب، وكل تبادل إقتصادي تفرضه سلطة العملة فهو إجحاف.

إنه ليس تحت تصرف العالم الثالث وسيلة تساعده في الوضع الراهن على تنفيذ برامج تنمية سوى المواد الخام التي في أرضه. فإذا كانت هذه المواد في السوق العالمية رهينة البورصات تصبح خطط التنمية صعبة أو مستحيلة.

ولقد كان من واجب مؤتمر الجزائر أن يركز تفكيره في هذه المشكلة بصورة جذرية وأن يطرحها في إطار جديد، لأنه من العبث أن يطلب من مستغل أن ينهي استغلاله، بل يجب التفكير في إيجاد إطار جديد، في صورة تدابير من شأنها أن تلغي تلقائيا الاستغلال (١).

ولا نرى في هذه التدابير سوى قطع العلاقات الإقتصادية الكلاسيكية مع المستغل، أي بعبارة أخرى قطع العلاقة الراهنة بين المادة الخام والعملة.


(١) والغريب في الأمر أن نرى رجالا ينزهون سياستهم عن الأخلاق في بلادهم، باسم الواقعية أو لسبب آخر ثم نراهم في الميدان الأول يطالبون باسم المبدأ الأخلاقي.

<<  <   >  >>