وفي الفترة نفسها- أي سنة ١٩٤٨ - يقلع بلد آسيوي (الصين) في ظروف أقسى بكثير بسبب رواسب أكبر لم يعانها الشعب الألماني، فقد كان على الصين أن تخلق حق رأسمالها الفكري، بقطع النظر عن الفكرة الأيديولوجية التي تحركها.
إننا لنجد في تجربتنا، في وضع إجتماعي إقتصادي شبيه بالذي تعرفه كل البلدان الأفروسيوية، الدرس الذي يفيدنا أكثر في معرفة الشروط الأولية للإقلاع.
بصورة عامة، فوسائل أي بلد أفروسيوي في المرحلة الراهنة من تطوره، تصنف كما يلي:
١ - فلاحته وهي تنقص أو تزيد بدرجة وسائله البدائية.
٢ - ما يملك من مواد خام في السوق.
٣ - العمل المتوقع الذي يمكن تحويله إلى عمل واقع يعد بالساعات.
إن هذا هو سائر الرصيد الإقتصادي لوطن متخلف في ساعة الصفر من إقلاعه. وسائر العوامل الأخرى فهي إضافية: إذ كل قرض أو استثمار يأتي من الخارج لا يمكن أن يكون القاعدة التي يقوم عليها مخطط ما.
ومن ناحية أخرى، فالإختيار، أي النموذج الأيديولوجي إنما يؤثر في سرعة التنمية على وجه الخصوص.
فاختيار الإشتراكية، مثلا إذا ما احترمت سائر شروطها الأيديولوجية يؤثر في السرعة، بسبب التسيير المفروض على وسائل الإنتاج.
أما إذا لم تحترم شروطها في مرحلة الصياغة، بسبب هوامش مخالفة لجوهرها، أو في مرحلة الإنجاز، بسبب إرهاقها ببيروقراطية طفيلية، فإنه لن