يكون لها التأثير على الأجهزة النفسية المتوقع تحريكها، وهكذا تجمد الحركة ويستحيل الإقلاع.
وعليه، فبقطع النظر عن الإختيار الأيديولوجي، يجب اعتبار الوسائل الموجودة في حد ذاتها، أي بتقديرها الإقتصادي البحت.
إن بلدا متخلفا ليست لديه عملة ذات قيمة دولية يستطيع بها تجهيز صناعاته بالآلات الضرورية، فإن عملته، هي المادة الخام المصدرة إلى البلدان المصنعة، ومنها ما يفيض عن استهلاكه من القمح أو الأرز، أو ما ينتج من قطن أوجوت هالج.
هذه المواد هي ما لديه بوصفها وسيلة استثمار في الخطوة الأولى، من أجل اقتناء ما يحتاجه في ميدان التصنيع. وتجربة الجزائر في تسويق الغاز وما لاقته من معوقات تدل على ضعف هذه العملة، مادامت غير محصنة بالتدابير الضرورية من المناورات التي تحط من قيمتها الشرائيه في السوق. وهذه الحصانة لا تتأتى إلا في نطاق سياسة اقتصادية موحدة بين بلدان العالم الثالث، حتى لا يبقى ذريعة لمناورين يتنافسون في التخفيض بين أرز بورما وأرز مصر وبترول الكويت وبترول العراق.
وحينما قدم للمؤتمر الأفروسيوي الثاني في القاهرة في شهر كانون الأول (ديسمبر) ١٩٥٨ إقتراح لتأسيس (مصرف لمواد الخام) رأينا بكل أسف هذا الإقتراح يمسخ، ويعدل ويصدر في النهاية في صورة اقتراح لتأسيس (مصرف للتنمية) - أي في صورة فكرة لا وسيلة لها- وهكذا لم يكن لهذا المصرف الخيالي أي أثر في التنمية.
هذا الفشل ليس سوى مثل لتوضيح (اللافعالية) التي تختلف درجتها من وطن إلى آخر، ولكنها تعم العالم الثالث كله- عدا الصين-، فلم يحدث فيه إلى الآن تحويل العمل المتوقع إلى عمل واقع يقدر بالساعات.