ولنظرح الآن المشكلة من الناحية النفسية: فكم يكون مبلغ الإستثمار المالي الكفيل بإنجاز مهمة كهذه، أي إيجاد سبع مئة ألف وظيفة؟.
إن الأرقام هي التي تجيب على هذا السؤال: فنحن نعلم أن الميزانية الجزائرية رصدت تقريبا مئتي مليار من الفرنكات القديمة تقريبا، لتشيد بعنابة مركب الحديد والصلب لإيجاد- حسب التقديرات الرسمية- نحو خمسة آلاف وظيفة.
وعليه يتطلب إنجاز مهمة واحدة كهذه- أي إرجاع الجزائريين الذين يعملون في الخارج مبلغا قدره ثمانية وعشرون ألف مليار من الفرنكات القديمة تقريبا.
هذا الرقم وحده، يوضح بأن التخطيط والإستثمار على الطريقة الكلاسيكية - أي بوسائل المال- يجعل مهمة جزئية فوق استطاعة الوطن.
وهذه الحقيقة ستكون أكثر وضوحا لو قدرنا المشكلة بكاملها ولم نقتصر على جزئية من جزئياتها.
فاختيار الطريقة الكلاسيكية للإستثمار يقودنا حتما إلى مأزق إقتصادي أولا، ثم إنه سيضع خطة تنميتها تحت رحمة رأس مال أجنبي بالضرورة، قد يتوفر لنا أو لا يتوفر، ثم إنه يفرض علينا قيودا لا نقدر مسبقا ثقلها على الصعيد السياسي.
فأمام احتمالات كهذه نستطيع قطعا اتباع نظرية الإقتصاد الكلاسيكية لـ (آدم سميث)، حين وضع مبدأه (اتركوه يعمل، اتركوه يسير) فوضع معه في الوقت نفسه سياسة النعامة التي تغرس رأسها في الرمل عندما ترى خطرا محدقا بها.
وهو يعني في وطن كالجزائر، أن نترك الأشياء تسير وحدها، بخطوة السلحفاة في عصر الفضاء.