بذلك، ولكن على أنهما دلالتان بينتان على واقع ذي أهمية كبرى، في التدليل الفاصل على أن الحياة الإقتصادية بالمعنى العضوي لها (ذاتيتها)، وأنها تحتفظ بها في نظم أيديولوجية مختلفة أو حتى متباينة.
لكن لصاحب السطور في (الجزائر والأحداث) الفضل على أية حال، فقد أعطاني فرصة لمزيد من التوضيح والإدلاء بمزيد من الآراء فيما يتعلق بذاتية الظاهرة الإقتصادية.
لقد أطلقت الصين في البحر، منذ بضعة أسابيع، أول سفينة للإتصال البعيد، ضعتها كلها إحدى ترساناتها وأسمتها (دنج فيند)، وقد أنتهزت الصحافة الصينية هذه المناسبة، للإشادة مرة أخرى بانتصارات الثورة الثقافية، وهاجمت المثبطين والمتوجسين وفندت مزاعمهم.
وهكذا خصصت صحيفة نقدا شديدا للخط السياسي الذي ((يدفع إلى شراء أو استئجار البواخر عوض صنعها)).
وليس لنا هنا، أن نعد هذا النقد من وجهة النظر الأيديولوجية كما فعلت الصحيفة، ولكن من الناحية الإقتصادية الصرفة.
ولعلنا نفاجئ الكثير من إخواننا، إذا قلنا لهم إن الولايات المتحدة- وهي أغنى دولة- لا تستطيع إذا حطم زلزال عنيف إحدى مدنها الكبرى (شراءها) من جديد لتعيد بناءها.
فأميركا الغنية لا تستطيع فعلا، بما لديها الآن من رصيد الذهب، وهو تقريبا أربعة عشر مليارا من الدولارات، أن تدفع لمقاول- أنجز إعادة بناء مدينة كنيويورك مثلا بكل مرافقها السكنية والصناعية- ثمن مقاولته عينا.
إذن لا بد أن نتصور غرور المسكين الذي يتقدم لمقاولة كهذه. ومع ذلك