آكثر من مرة، أي- بعبارة مختصرة- تلك الشروط التي تحول سائر العوامل الإقتصادية من حيز القوة والسكون إلى حيز العمل والحركة.
والعالم الثالث في حاجة، من أجل إقلاعه، إلى دفعة كفيلة بأن تخلصه من سائر أصناف الجمود، ولعله بصورة خاصة في حاجة في الميدان الإقتصادي إلى نظرية جديدة.
ولا بأس إذا ذكرنا هنا أن (مؤتمر ٧٧) الذي انعقد بالجزائر قبل مؤتمر نيودلهي مر بالمشكلة مر الكرام. وكذلك المؤتمر الذي انعقد بالقاهرة عام ١٩٥٧.
ويبقى أمامنا أن حل هذه المشكلة، هو الذي سيعطي الإشارة الخضراء الحقيقية للإقلاع في العالم الثالث، ولن يتحقق ذلك إلا ضمن تغيير جذري في طيات النفوس.
فالتنمية لا تُشترى من الخارج بعملة أجنبية، غير موجودة في خزينتنا.
فهناك قيم أخلاقية واجتماعية وثقافية لا تُستورد، وعلى المجتمع الذي يحتاجها أن يلدها.
والتنمية من تلك القيم، إنها لا تستورد بل تصنع في المكان نفسه كالباخرة التي أطللقتها الصين في البحر هذه الأيام.
وإذا بدا تزايد السكان في بلاد متخلفة كارثة، مثل كارثة زحف الجراد على أرض ذات زراعة ومرعى، فإنما ذلك لسبب واحد هو أن التخلف الإقتصادي مبطن بتخلف ذهني.
وإذا كان يخشى في وطن كهذا أن تزيد فيه البطالة، بينما كل شيء فيه ينتظر الإنجاز، فذلك دليل على أنه يعاني أولا بطالة العقول التي تحجم عن السير، وتقف أمام الإشارة الحمراء التي تضعها في طريقها فكرة (الإستثمار المالي).