والاستجداء. فقد أعطى (كاسترو) من نفسه القدوة، إذ استبدل بالسيارة التي ورثها عن خصمه السابق (باتيستا) سيارة عسكرية تقتصد استهلاك البترول.
هذا كله قد يسميه الآخرون (الأخلاق الماركسية) نسبة إلى انتماء (كاسترو)، ولكننا في إطار النظرة الموضوعية نراه فقط (الأخلاق) في المناخ الثوري.
إن ثورة ما، لن تستطيع تغيير الإنسان إن لم تكن لها قاعدة أخلاقية قوية.
إن (روبسبيير) و (سان جوست) وهما من هما في الثورة الفرنسية، يمثلان قبل كل شيء أنضج صورة لأخلاق ثورية لا تنازل فيها.
فلا يجوز لنا إذن أن نستغرب الأمر إذا ما كان (كاسترو) لا يفسر قرارا اتخذه بالأرقام أي بمسوغات مادية، بل يفسره بمسوغات أخلاقية عندما يشير إلى كرامة الشعب الكوبي.
إن ثورة تقوم، لا تكون ثورة حقيقية لمجرد ما تجتهد في نشر العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب، إذا هي لم تعلمه كيف يستعيد شخصيته، وتلقنه معنى كرامته.
ولقد يكون التعبير عن هذه الكرامة في نص الدستور نفسه، كالتصريح بحقوق الإنسان والمواطن في الثورة الفرنسية، أو يكون بمجرد قرار عن ضرورة التقشف في استهلاك البترول كما أشرنا إليه في كوبا.
وهذه الاعتبارات عن وظيفة الأخلاق، ليست بنت الأمس: فقضية تكريم الإنسان لم تهمل ولم تنس في الثورة الإسلامية منذ أربعة عشر قرنا: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء٧٠/ ١٧]. هكذا وضع القرآن الكريم في آية لكرامة الإنسان قاعدة سامية بالنسبة لدنياه ولآخرته.