إنه لا يجازى بحسم من تموينه ومن أجرته، ولكن يفرض عليه عدد من أيام تغيب أخرى.
فالجزاء يقوم هنا على قاعدة أن اللولب النفسي ذو فعالية أكبر من اللولب الاقتصادي في حياة الفرد.
ولكن هل هذه القاعدة تصح من دون قيد أو شرط؟.
إننا لا نتصور أثرها إلا في مناخ أخلاقي حقيقي، تكونه الثورة وتحافظ عليه بوصفه صيدا أساسيا لها، كذلك المناخ الذي نشعر به في قصة المخلفين في القرآن الكريم.
ونحن إذا عدنا إلى تجربة كوبا، نرى (كاسترو) لا يخلق هذا المناخ فحسب، بالقرارات العامة التي يتخذها وبتفسيرها للجماهير، بل يمثلها أيضا في سلوكه الشخصي ليكون القدوة في هذا كله.
فعندما قرر سياسة التقشف في استهلاك البترول، كان لها مسوغاتها الاقتصادية، بسبب الحصار الاقتصادي الذي ضربته أمريكا على كوبا، حصارا أصبحت معه واردات البترول حتى من (البلاد الصديقة) لا تغطي غير ٢% من الزيادة في الاستهلاك التي تقدر بـ ٨% بالنسبة إلى السنوات السابقة. وقد أشار إلى ذلك في خطابه بمناسبة رأس السنة (١).
لكن الأمر الذي يرفع هذا القرار إلى أعلى درجة في الفعالية، هو تفسير (كاسترو) له في غير الإطار الاقتصادي، إذ قال في الخطاب نفسه ((إنه لا يليق بكرامة هذا الشعب أن يبقى دائما يطلب العون من الآخرين)).
فهذا درس ينبغي ألا يهمله العالم الثالث المنغمس في سياسة الاستنجاد