إنما من ناحية أخرى، يجوز لعالم الاجتماع بل يستحسن منه، أن يعلم ما إذا كان للأخلاق وظيفة في السياسة؟.
إن الأشياء ما تزال بالنسبة إلينا في ضباب الثورة، تجدد نفسها الثوري في كل خطوة وأمام كل صعوبة جديدة تواجهها.
لكن الأشياء بدأت خلال هذا الضباب تتخذ أكثر فأكثر شكلها، وتظهر كصدمات تجربة من شأنها أن تعم العالم الثالث كله، على الرغم من حدودها الضيقة في وطن صغير مثل كوبا.
لاشك أن إدانة الحافز المادي في الإنتاج، لم تعط بعد أثرها الواضح في منحنى التنمية على الأقل، حسب أقوال الصحافة التي نقرؤها في هذه الناحية من العالم.
كما أن إلغاء العلاقات السوقية بين المنتجين والدولة، مع ما يوحي به من إلغاء العملة ذاتها في أمد قد لا يبعد، لا يزال أيضا في غموض.
ولكن الشيء الذي نستطيع تقريره منذ الآن، هو أن هذه القرارات تثيرنا من ناحيتين:
إنها في الميدان الاقتصادي تمثل النموذج المثالي لا نسميه الاستثمار الاجتماعي، وهو أمر لا نجده في وطن آخر في الموضوع نفسه.
ومن هذه الناحية فإنها تقدم درسا لا يستغني عنه العالم الثالث، الذي بين يديه الكثير من الذهب ومن العملة الصعبة.
ولكن هذا الدرس يتضمن جانبا يهم العالم كله، ألا وهو الثقة في القيم الأخلاقية ومنحها الأولوية في الإنتاج وفي درجة الالتزام في الحياة السياسية.
ولنتأمل على سبيل المثال، هذا الدرس في إحدى قضايا العمل الإنتاجي:
إن العامل قد يتغيب من دون عذر عن عمله فما هي عقوبته؟.