فبمجرد ما يلقب (بالمجاهد)، كان في طفرة واحدة، يصبح البطل الواعي المدرك لعظمة تحديه للقوى الهائلة التي أمامه.
وإذا تغيرت الكلمات بطريقة عكسية أو غيرت في اتجاه آخر، فإن أثرها في بعث الإنسان سيتأثر قطعا بسبب ذلك.
لقد حدد الدكتور خالدي، بطريقة موفقة، أهمية الكلمات من حيث مدلولها الثوري، ويجب أن نقدر أهميتها من الناحية النفسية؛ إن الكلمات تعين مواقف أيديولوجية محددة.
فإذا غيرناها فالتغيير لا يعتري فحسب (لغة) الثورة بل إنه سيصيب (روحها) وربما يغير الموقف الثوري نفسه.
فإذا تنازل الثوار عن لقب (المجاهد) فسرعان ما سوف يظهر في سلوكهم الانحراف، الذي كان يعتريهم عندما كانوا في الخدمة العسكرية في جيش الاستعمار.
يجب على الثورة أن تحافظ على صفاء (لغتها) حتى تحافظ على قدرتها على تغيير الإنسان.
إن بعض الإباحيات في اللغة- وقد يعدها أصحابها من الإقدام الثوري- ليست إلا خيانات للثورة في موضوعها الأساسي وهو تغيير الإنسان.
فإذا ما تحدث بعض المخنثين عن (التحرير الجنسي) مثلا فكلماتهم لا تعبر عن شيء سوى هبوط في الطاقة الثورية.
وليس من العبث أن يعزو (سفر التكوين) في العهد القديم سائر العوامل التي مزقت وحدتهم وفرقتهم، إلى البلبلة التي حدثت في لسان القوم. وقد أوضح بذلك أثر الكلمات على مصير البشر.