فالجزائريون الذين يعيشون في فرنسا يكونون طائفة من المغتربين يبلغ عددهم سبع مئة ألف نسمة.
وهذا العدد وحده، يعبر عن أهمية قضية تتطلب تحقيقا نعرف به كيفية توزيع هؤلاء المغتربين على الخريطة الفرنسية، ولعله من ترف القول أن نشير بأن أحدا سوى الإدارة الفرنسية لم يعتن بهذا الأمر.
على أننا نستطيع على وجه التقريب، أن نتصور التوزيع الجغرافي هذا، وقد تكون عبر السنين حول مراكز تقليدية ثلاثة: باريس، مرسيليا، ليون.
يضاف إلى ذلك ما استوطن من الجزائريين حول مناجم الفحم في الشمال، وحول مناجم الفحم شرقي البلاد.
هذه المراكز تكون النقاط الأساسية لخريطة إسكان الجزائريين في فرنسا.
ثم لا بد من ملاحظة عامة أخرى، فسكان فرنسا من الجزائريين صنفان من السكان: صنف يغدو إلى فرنسا ويروح إلى عائلته في الجزائر. وصنف استقر نهائيا في مكان عمله.
وحينما نميز هذين الصنفين لا نعقد بينهما نسبة عددية لأننا نفقد إحصائية دقيقة تسمح بذلك، وإنما نريد فحسب لفت النظر إلى نوع المشكلات الخاصة بكل صنف.
فالعمال الجزائريون المستقرون في مكان عملهم يكونون بطبيعة الحال مجتمعا فيه الأطفال والنساء والرجال والشيوخ، بمعنى آخر مجتمعا يطرح سائر المشكلات التي يواجهها وطن ما من تربية أطفال ورعاية أسرة أدبيا وطبيا، وزواج ودفن أموات، وإحاطة أفراده بإطار ثقافي معين.