لكن جوابا كهذا ما كان له أن يلي رغباتها بوصفها أما جزائرية.
فقد كان أي مشروع جزائري جدير بتلبيتها لو كان موجودا إذ ذاك، غير أن منظماتنا الوطنية لم تكن تفكر في إيجاده، إذ كانت تفضل الظهور على المنصات، على القيام بأعمال متواضعة لا تلفت النظر.
لقد كان من المحتمل أن يناهز عدد الأطفال الجزائريين في تلك الفترة- قبيل الثورة- ثلاثين ألفا في باريس وضاحيتها.
فسؤال الأم الجزائرية لم يكن فاقد الأهمية، في وسط توجد فيه عند كل باب سائر وسائل التعليم والتكوين المهني، لقد كان يدوي في ذهني دويا كبيرا. إن ثمة معجزة في متناول أيدينا، لو شئنا تحقيقها: لكنا نستطيع خلال سنوات معدودة تجهيز الوطن (وهو مقبل على الثورة) بثلاثين ألفا من الفنيين من كل نوع.
وإنا لندرك ونحن أمام مشكلات البناء، قيمة المعجزة التي فرطنا بها.
لماذا لم تتحقق، وقد كانت الأسر الجزائرية مستعدة للعطاء ولم ينقطع سخاؤها في أبواب الخير، بل كانت مستعدة لدفع كل ما تستطيع لكل من يريد القيام بتوجيه أطفالها.
فلا يجوز إذن أن نعزو الفشل إلى أسباب مادية، بل إلى أسباب فكرية ونفسية.
لقد درست فعلا القضية عن كثب، ووضعت في ذهني خطة بسيطة لمواجهتها. وهي مواجهة لم تكن تتطلب إلا بعض التضحية والمبادرة من زعماء حركاتنا الوطنية في باريس.
ويجب أن نقول اليوم إن القضية لا زالت قائمة، غير أن الظروف تبدو أيسر في مواجهتها من ناحية، ومن ناحية أخرى أشد عسرا.