فترات الانحطاط والقهقرى، كتلك الفترة التي أطلقنا عليها (عصر ما بعد الموحدين).
ولا يفوتنا أن نضيف هنا، أن التجانس بين عمل الدولة وعمل الفرد، في نطاق التعاون الذي أشرنا إليه، يتحقق في ضمير الفرد، ويجعل هذا الضمير موضوعا من ناحية وحكما من ناحية أخرى.
فالسياسة التي تريد تلقين مسوغاتها وأهدافها لهذا الضمير، عليها أن تجعله حكما، يصدر بكل حرية حكمه في مسوغاتها وأهدافها.
وربما استطاعت السياسة أن تأخذ هذا الحكم على حين غرة، في وقت ما، خصوصا حين ترفع شعارات خلابة وتصرح بوعود مغرية.
ولكن- كما يقول رئيس الولايات المتحدة (إبراهام لنكولن) -: إن التغرير بفرد ممكن دائما، والتغرير بشعب ممكن بضعة أيام، إلا أنه غير ممكن كل يوم.
والشعب الجزائري الذي ألقى في مهملات التاريخ كثيرا من الأساطير التي استولت منذ سنة ١٩٣٠، على منصة سياسته، يقدم أصدق دليل على صحة رأي رجل الدولة الأمريكي.
يبقى إذن على السياسة- كي تتشكل على صورة الحياة الحقيقية- أن نتصور أولا محتواها من خلال العمل الفردي وفي مستواه.
ولا شك أن هذه الواقعية، هي التي أملت على (لينين)، الشعارات التي اتخذها من أجل تجنيد طاقات الجماهير في خدمة الثورة.
حينئذ بدأ عمل كل فرد روسي- جندي أو فلاح أو عامل- يتجانس مع عمل الدولة السوفيتية على أساس مسوغات فردية، هي على درجة من البساطة