ولكنها منظمة، مرتبة ضمن مسوّغ شامل، ربما لا يكون فهمه متيسرا للجماهير.
فلينين، لم يقدم للجماهير نظرية ماركس؛ كتابه في (رأس المال) على سبيل المثال، ولكن قدم لها فحواه وترجمته على صورة هي في متناول الإدراك الشعبي، وقابلة بسبب ذلك، للتأثير السياسي مباشرة، فأطلق لينين شعاراته المشهورة:((السلم للجندي، والخبز للعامل، والأرض للفلاح)).
وقد بدأت الجماهير منذ تلك اللحظة تصبح طاقات ثورية واعية وهي لم تكن قبل ذلك داخل النظام.
ولكن، هل كان يكفي لتستمر الهزة الثورية، دفعة من الشعارات التي أطلقت، وحققت انضمام الجماهير إليها آملة احتمال تغيرها في الطريق، كشعار ((الأرض للفلاح)) عندما تدق ساعة الكلخوز؟!.
إن الايديولوجية التي لا تتضمن- بصفتها أفكارا موجهة قوية- إلا مصالح عاجلة، فإنها وإن كانت محترمة) لن تفتح الطريق لغير سياسة قصيرة محدودة المدى على قدر الشعارات التي دفعتها.
وسياسة كهذه لا تستطيع، في المثل اللينيني، الذي ذكرناه للتوضيح، أن تكون في مستوى عهد المشاريع العظيمة والمحن الكبرى، التي تطلبت من الثقة والتضحية ما كان ضروريا للتشييد الاشتراكي ولمواجهة الهجوم الهتلري.
فالايديولوجية تتطلب إذن خمائر أخرى، تضمن الوحدة الضرورية بين عمل الدولة وعمل الفرد لإنجاز مهمات بعيدة ترتكز على الثقة والبطولة.
والخمائر هذه هي التي تعطي، حسب جوهرها، القيمة- الجليلة والحقيرة- للسياسة أمام التاريخ.