العجوز بمثل أو حكمة أو قصة تعيد بها الحديث إلى مجراه وتمسك معناه في اللحظة التي كاد يفلت فيها.
ليسمح لي القارئ بهذا التمهيد، فقد بدا لي ضروريا لأن العنوان نفسه يسوقني إلى التدليل بحكايات شعبية واختيار اثنتين منها على الأقل.
كانت جدتي تقص لي العديد من قصص جحا، وإني لأذكر إحداها لما أرى فيها من دلالة بإشارة واحدة، على المعنى النفسي والمنهجي الذي أريد إبرازه في هذه السطور.
فقد كان جحا ذات يوم من أيام الشتاء الباردة، يدفئ يديه مع بعض رفاقه، وبينما هو حول نار موقدة في كوخ من تلك الاكواخ المنتشرة في المرتفعات الجزائرية إذا بالنار بدأت تخمد لنفاد الحطب.
قال الجماعة:
- هلم، نذهب فنحتطب في الغابة.
وهرع كل واحد إلى عدته وتوجه إلى الغابة وكذلك فعل جحا، ثم رجع كل واحد بحزمة حطب إلا جحا فقد استبطأه رفاقه حين لم يعد وقالوا:
- هلموا نر ماصنع الله بجحا.
واقتفى الرفاق أثر جحا في الغابة حتى وجدوه في ناحية وهو يلف حبله حول المئات أو الآلاف من الشجر.
سألوه: ماذا تصنع يا جحا؟
أجاب بطلنا:
ألا ترونني أريد أن أحمل كل شجر الغابة مرة واحدة، حتى لا نعود نحتطب كل يوم؟