فموقف جحا موقف من يحاول عملا مستحيلا فيستغل بذلك عمل الآخرين، إنه المحتال يستغل سذاجة الآخرين، بينما يبدو لناظرهم في مظهر البطل، إن ضحاياه أولئك الذين يلقبونه بطلا.
أما الجمل فهو ليس بالمحتال، لكنه يسخر بنكتة تكشف لنا أيضاً سذاجة الآخرين، ونكتة تضحكنا من أولئك الذين يضعون العمل في الشروط التي تجعله مستحيلا.
وبعبارة أخرى. فإن جحا يستطيع أن يقدم لنا درسا في (البلوتيك) أو على الأقل يدلنا على أحد أعراضها النفسية. وسيكون درسه مفيدا لمن يريد درسا عن الكسب غير المشروع، عن الديماغوجية في سوق (البلوتيك).
إن (رجل الأقدار) كما يقولون، أي الزعيم الذي لا ضمير له يعرف المزايدة الديماغوجية لإغواء البُلْه في السوق.
واعتقد أن جحا قد قدم الدرس هذا للجزائر، دون أن تستفيد منه خلال الثلاتين سنة الأخيرة، ولم تستفد منه إلى ١٩ حزيران (يونيو) سنة ١٩٦٥.
أما درس (الجمل) فهو درس في المنهج، كان لنا أن نستفيد منه خصوصا منذ الإستقلال، يفيدنا في العمل كيف ينبغي أن تتحقق شروطه ليكون ممكنا.
وكأن جحا يقول في الحقيقة القول نفسه، وإنما بطريقة المحتال الذي يقوم بعمل مستحيل علما بأنه لا يعمل شيئا.
أما الجمل فيقوله بصراحة، ومن حسن النية، غير أنه يستعمل النكتة.
فمؤدى كلامه أن من يضع عمله في ظروف تجعله فوق طاقته، يعلم أنه محكوم عليه بألا يعمل شيئا. وإن حاول على الرغم من ذلك القيام بشيء فلن يحسن صنعا.