يرى غفلة الأبصار عن حقيقة الهزيمة في حرب ١٩٦٧م في فلسطين. وهكذا ضاع ما كان لهذه الصدمة من أمل في بعث الرؤية الجديدة لمستقبل الأمة العربية، وضاع في إثرها كل عمل جاد في تجميع الثروة الاقتصادية والبترولية للعالم العربي، وتحويلها إلى قيمة اقتصادية عالمية ذات بعد سياسي واقتصادي معا.
لذا أهتم مالك بن نبي في الفصل الأخير، باقتصاد العالم الإسلامي والعالم الثالث على العموم، فوضع لهذا الاقتصاد قواعد التنمية الحقيقية التي ترتبط بالجهد الاجتماعي في أساسها.
هذه المقالات تضعنا أمام حقيقة واضحة، حقيقة ترقب حركات التاريخ المعاصر بنظرة موضوعية لا عقدة فيها ولا كراهية؛ نظرة لا تخاف الماركسية ولا الرأسمالية إنما هي تفصل بين واقعها التاريخي وتجربتها الاجتماعية. وهي تأخذ من هذه التجربة بمقدار ما يوضح القاعدة الأساسية التي هي من سنن الله، أما النماذج التي انتهت إليها تلك التجارب، فهي تحظى من الأستاذ مالك باحترام الجهد الإنساني المتعاون، لكنها أبعد ما تكون علاجا لحالة اجتماعية نحاول الخروج من مأزقها.
فالأستاذ مالك يدعو العالم الإسلامي والدول الإسلامية، إلى تجربة تستمد معطياتها من واقع المشكلة، بعد تحليل عناصرها، دون التأثر بالمفاهيم التي زرعتها الحضارة المعاصرة في أفكارنا، وأسدلت ستارها على أبصارنا.
وهو لذلك يدعو في هذه المقالات، إلى علم اجتماع مستقل يختص بمشكلات العالم الثالث بعد الاستقلال السياسي، ويختط لمستقبله الاجتماعي والاقتصادي، خطة تنمية لا يثقلها اطراد نمو العصر الصناعي في الحضارة المعاصرة، وما أفرز هذا الاطراد من مفاهيم ماركسية ومشكلات رأسمالية.