للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسلم لا يخاطب بقضائها لقوله تَعَالَى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قد سلف) ولان في ايجاب ذلك عليهم تنفيرا فعفى عنه وان كان مرتدا وجبت عليه وإذا أسلم لزمه قضاؤها لانه اعتقد وجوبها وقدر علي التسبب الي أدائها فهو كالمحدث)

*

* (الشَّرْحُ)

* أَمَّا الْكَافِرُ الْمُرْتَدُّ فَيَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَالِ وَإِذَا أَسْلَمَ لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَ في لردة لما ذكره المصنف هذا مذهبا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَدَاوُد لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي الرِّدَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَهَا وَجَعَلُوهُ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ مَا قَدْ سَلَفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَغَيْرُهَا من فروع الاسلام وأما فِي كُتُبِ الْأُصُولِ فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ هُوَ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ كَمَا هُوَ مُخَاطَبٌ بِأَصْلِ الْإِيمَانِ وَقِيلَ لَا يُخَاطَبُ بِالْفُرُوعِ وَقِيلَ يُخَاطَبُ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَتَحْرِيمِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ وَالرِّبَا وَأَشْبَاهِهَا دُونَ الْمَأْمُورِ بِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ هُوَ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ فِي الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ هُنَاكَ فَمُرَادُهُمْ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ أَنَّهُمْ لَا يُطَالَبُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا مَعَ كُفْرِهِمْ وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْمَاضِي وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ وَمُرَادُهُمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ زِيَادَةً عَلَى عَذَابِ الْكُفْرِ فَيُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْكُفْرِ جَمِيعًا لَا عَلَى الْكُفْرِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا فَذَكَرُوا فِي الْأُصُولِ حُكْمَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَفِي الْفُرُوعِ حُكْمَ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

لَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ صَلَاةٌ وَلَوْ صَلَّى في كفره ثم أسلم لم نتبين صِحَّتُهَا بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ بِلَا خِلَافٍ أَمَّا إذَا فَعَلَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ قُرْبَةً لَا يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِصِحَّتِهَا كَالصَّدَقَةِ وَالضِّيَافَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْقَرْضِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْمِنْحَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الآخرة لكن يطعم بها في الذنيا وَيُوَسَّعُ فِي رِزْقِهِ وَعَيْشِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ فَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ

فَحَسُنَ إسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ كَانَ زَلَفَهَا " أَيْ قَدَّمَهَا وَمَعْنَى حَسُنَ إسْلَامُهُ أَيْ أَسْلَمَ إسْلَامًا مُحَقَّقًا لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ " يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>