للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بسم الله الرحمن الرحيم " قال والقاضي معترف بهذا ولكنه تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِلُ وَلَمْ تَكُنْ قُرْآنًا قَالَ وَلَيْسَ كُلُّ مُنَزَّلٍ قُرْآنًا قَالَ الغزالي: وما من منصف إلَّا وَيَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ وَيُضَعِّفُهُ وَاعْتَرَفَ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ كُتِبَتْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مَعَ إخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ وهذا موهم كل أحد انها قرآنا وَدَلِيلٌ قَاطِعٌ أَوْ كَالْقَاطِعِ أَنَّهَا قُرْآنٌ فَلَا وَجْهَ لِتَرْكِ بَيَانِهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا (فان قيل) لو كانت قرآن لَبَيَّنَهَا (فَالْجَوَابُ) أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكتفى بقوله أنها منزلة وباملاتها عَلَى كُتَّابِهِ وَبِأَنَّهَا تُكْتَبُ بِخَطِّ الْقُرْآنِ كَمَا يُبَيِّنْ عِنْدَ إمْلَاءِ كُلِّ آيَةٍ أَنَّهَا قُرْآنٌ اكْتِفَاءً بِعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ وَمِنْ التَّصْرِيحِ بِالْإِنْزَالِ (فَإِنْ قِيلَ) قَوْلُهُ لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّوَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لِلْفَصْلِ (قُلْنَا) مَوْضِعُ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ حَتَّى يَنْزِلَ فَأَخْبَرَ بِنُزُولِهَا وهذه صِفَةُ كُلِّ الْقُرْآنِ وَتَقْدِيرُ اللَّهِ لَا يُعْرَفُ

بِالشُّرُوعِ فِي سُورَةٍ أُخْرَى إلَّا بِالْبَسْمَلَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْزِلُ إلَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ الْغَرَضُ بَيَانُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً بَلْ ظَنِّيَّةً وَأَنَّ الْأَدِلَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَارِضَةً فَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهَا أَرْجَحُ وَأَغْلَبُ (وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ لَا يَثْبُتُ القران إلا بالتواثر فَمِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّ إثْبَاتَهَا فِي الْمُصْحَفِ فِي مَعْنَى التَّوَاتُرِ

(وَالثَّانِي)

أَنَّ التَّوَاتُرَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَالْبَسْمَلَةُ قُرْآنٌ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا كَمَا سَبَقَ (وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ " قَسَمْتُ الصَّلَاةَ " فَمِنْ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا (أَحَدُهَا) أَنَّ الْبَسْمَلَةَ إنَّمَا لَمْ تُذْكَرْ لِانْدِرَاجِهَا فِي الْآيَتَيْنِ بَعْدَهَا (الثَّانِي) أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ فَإِذَا انْتَهَى الْعَبْدُ فِي قِرَاءَتِهِ إلَى " الْحَمْدُ لله رب العالمين " وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْبَسْمَلَةُ دَاخِلَةً (الثَّالِثُ) أَنْ يُقَالَ الْمَقْسُومُ مَا يَخْتَصُّ بِالْفَاتِحَةِ مِنْ الْآيَاتِ الْكَامِلَةِ وَاحْتَرَزْنَا بِالْكَامِلَةِ عَنْ قَوْله تَعَالَى (وَقِيلَ الْحَمْدُ لله رب العالمين) وعن قوله تعالى (وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين) وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ فَغَيْرُ مُخْتَصَّةٍ (الرَّابِعُ) لَعَلَّهُ قَالَهُ قَبْلَ نُزُولِ الْبَسْمَلَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا (الْخَامِسُ) أَنَّهُ جَاءَ ذكر البسملة في رواية الدارقطني والبيهقي فقال " فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَقُولُ اللَّهُ ذَكَرَنِي عَبْدِي " وَلَكِنَّ إسْنَادَهَا ضَعِيفٌ (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعُ آيَاتٍ وَاخْتُلِفَ فِي السَّابِعَةِ فَمَنْ جَعَلَ الْبَسْمَلَةَ آيَةً قَالَ السَّابِعَةُ (صِرَاطَ الَّذِينَ) إلَى آخِرِ السُّورَةِ: وَمَنْ نَفَاهَا قَالَ (صِرَاطَ الذين انعمت عليهم) سادسة (وغير المغضوب عليهم) إلَى آخِرِهَا هِيَ السَّابِعَةُ قَالُوا وَيَتَرَجَّحُ هَذَا لان به يحصل حقيقة التنصيف فيكون لله تعالى ثلاث آيات ونصف وللعبد مِثْلُهَا وَمَوْضِعُ التَّنْصِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>