(إياك نعبد وإياك نستعين) فَلَوْ عُدَّتْ الْبَسْمَلَةُ آيَةً وَلَمْ يُعَدَّ (غَيْرِ المغضوب عليهم) صار لِلَّهِ تَعَالَى أَرْبَعُ آيَاتٍ وَنِصْفٌ وَلِلْعَبْدِ آيَتَانِ وَنِصْفٌ وَهَذَا خِلَافُ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِالتَّنْصِيفِ (فَالْجَوَابُ) من أوجه (أحدها) منع إرادة حقيقة التنيصف بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ الشَّاعِرِ
* إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَيْنِ شَامِتٌ
* وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ قِسْمَانِ فَأَوَّلُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَآخِرُهَا لِلْعَبْدِ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْصِيفِ قِسْمَانِ
الثَّنَاءُ وَالدُّعَاءُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِعَدَدِ الْآيَاتِ (الثَّالِثُ) أَنَّ الْفَاتِحَةَ إذَا قُسِمَتْ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهَا كان التنصف فِي شَطْرَيْهَا أَقْرَبَ مِمَّا إذَا قُسِمَتْ بِحَذْفِ الْبَسْمَلَةِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَقْسِيمُهَا بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ (فَإِنْ قِيلَ) يَتَرَجَّحُ جَعْلُ الْآيَةِ السَّابِعَةِ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) لقوله فإذا قال العبد (اهدنا الصراط إلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي فَلَفْظَةُ هؤلاء جمع يقتضى ثلاثة آيَاتٍ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ لِلْعَبْدِ إلَّا آيَتَانِ (فَالْجَوَابُ) أَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ رَوَوْهُ فَهَذَا لِعَبْدِي وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ ثَابِتَةً فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ بِإِسْنَادَيْهِمَا الصَّحِيحَيْنِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَكُونُ الْإِشَارَةُ بِهَؤُلَاءِ إلَى الْكَلِمَاتِ أَوْ إلَى الْحُرُوفِ أَوْ إلَى آيَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ قَوْله تعالى (وإياك نستعين) إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَمِثْلُ هَذَا يُجْمَعُ كَقَوْلِ الله تعالى (الحج أشهر معلومات) وَالْمُرَادُ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ أَوْ إلَى آيَتَيْنِ فَحَسْبُ وَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ وَحَقِيقَتُهُ ثَلَاثَةٌ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الِاثْنَيْنِ حَقِيقَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ هَذَا كُلُّهُ إذَا سَلَّمْنَا أَنَّ التَّنَصُّفَ تَوَجَّهَ إلَى آيَاتِ الْفَاتِحَةِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنَّمَا التَّنَصُّفُ مُتَوَجِّهٌ إلَى الصَّلَاةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ (فَإِنْ قَالُوا) الْمُرَادُ قِرَاءَةُ الصَّلَاةِ (قُلْنَا) بَلْ الْمُرَادُ قِسْمَةُ ذِكْرِ الصَّلَاةِ أَيْ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا وَهُوَ ثَنَاءٌ وَدُعَاءٌ فَالثَّنَاءُ مُنْصَرِفٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَمَا وَقَعَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا وَالدُّعَاءُ مُنْصَرِفٌ إلَى الْعَبْدِ سَوَاءٌ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِقِسْمَةِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ أَمْرًا آخَرَ وَهُوَ مَا يَقُولُهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَبْدِ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْسُومِ لَا أَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرُ بَعْضِ الْمَقْسُومِ (فَإِنْ قِيلَ) يَتَرَجَّحُ كَوْنُهُ تَفْسِيرًا لَذَكَرَهُ عَقِيبَهُ (قُلْنَا) لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِي الْفَاتِحَةِ فَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى قِسْمَةِ الذِّكْرِ أَعَمُّ وَأَكْثَرُ فَائِدَةً فَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عُمْدَةُ نُفَاةِ الْبَسْمَلَةِ وَقَدْ بَانَ أَمْرُهُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ (وَأَمَّا الْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ شَفَاعَةِ تبارك وهو ان المراد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute