للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا سِوَى الْبَسْمَلَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِهَذِهِ السُّورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ نُزُولِ الْبَسْمَلَةِ فِيهَا فَلَمَّا نَزَلَتْ أُضِيفَتْ إلَيْهَا بدليل كتابتها في المصحف ويؤيد تأويل هذ الْحَدِيثِ أَنَّهُ رِوَايَةُ أَبِي

هُرَيْرَةَ فَمَنْ يُثْبِتُ الْبَسْمَلَةَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ (وَأَمَّا الْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ مَبْدَأِ الْوَحْيِ وَهُوَ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَنَظَائِرَ لَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ سُوَرِهِ فِي النُّزُولِ فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُمَا (وَجَوَابٌ آخَرُ) وَهُوَ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ نَزَلَتْ أَوَّلًا وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَوَّلُ مَا أَلْقَى عَلَيَّ جِبْرِيلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وَنَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ عَنْ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَهَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ فَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ

* وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَسَيَأْتِي جَوَابُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ (وَأَمَّا) قَوْلُهُمْ لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا فَجَوَابُهُ من وجهين (أحدها) أَنْ يُقْلَبَ عَلَيْهِمْ فَيُقَالَ لَوْ لَمْ تَكُنْ قرآن لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا (الثَّانِي) أَنَّ الْكُفْرَ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ بَلْ بِالْقَطْعِيَّاتِ وَالْبَسْمَلَةُ ظَنِّيَّةٌ (وَأَمَّا) قَوْلُهُمْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَدَدِ عَلَى أَنَّهُ لَا تُعَدُّ آيَةً فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّ أَهْلَ العدد ليسوا كل الامة فيكون إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً بَلْ هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ عدوا كذلك اما لانه مذهبهم ففى الْبَسْمَلَةِ وَإِمَّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ وَأَنَّهَا مَعَ أَوَّلِ السُّورَةِ آيَةٌ (الثَّانِي) أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ " مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ تَرَكَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشَرَةَ آيَةً " وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ نَقْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِجْمَاعِهِمْ بَلْ قَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ الْخِلَافُ عَنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ وَسَتَأْتِي قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ حِينَ تَرَكَهَا فِي صَلَاتِهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَأَيُّ إجْمَاعٍ مَعَ هَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَوْجُودٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَوَّلُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ ثَبَتَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ لِغَيْرِهِمْ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ " كَيْفَ تَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا لَفْظُهُ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ " كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ " وَهَذَا لَا دَلِيلَ فِيهِ وَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ عَكْسُ مَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لبريدة " بأى شئ تَسْتَفْتِحُ الْقُرْآنَ إذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْتُ ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وَعَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

<<  <  ج: ص:  >  >>