فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَرْوِي مَا يَفْهَمُ خِلَافَهُ فَهُوَ لَمْ يَقْتَدِ فِي جَهْرِهِ بِهَا إلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثابت عن أنس " إني لا آلوا أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ قَدْ حَصَلَ لَنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ جِيَادٍ فِي الْجَهْرِ وَتَعَرَّضَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِتَضْعِيفِ بَعْضِ رُوَاتِهِ عَنْ أَنَسٍ لَمْ نَذْكُرْهَا نَحْنُ وَتَعَرَّضَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لِرِوَايَةِ شَرِيكٍ
وَطَعَنَ فِيهِ (وَجَوَابُ) مَا قَالَ أَنَّ شَرِيكًا مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَيَكْفِينَا أَنْ نَحْتَجَّ بِمَنْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِالصِّحَّةِ مَا يَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عن أنس شئ فِي الْجَهْرِ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي بَدَأَ الدَّارَقُطْنِيّ بِذَكَرِهِ فِي سُنَنِهِ قَالَ " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي صَلَاتِهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا إسْنَادٌ عَلَوِيٌّ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ فِي تَرْكِهِمْ الْبَسْمَلَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يحتج في المسألة بغيره ثم ساق الدارقطى الروايات في ذلك عن غَيْرِ عَلِيٍّ مِنْ الصَّحَابَةِ ثُمَّ خَتَمَهَا بِرِوَايَةٍ عَنْهُ حِينَ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ السَّبْعِ الْمَثَانِي فَقَالَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فَقِيلَ إنَّمَا هِيَ سِتُّ آيَاتٍ فَقَالَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آيَةٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَإِذَا صَحَّ أَنَّ عَلِيًّا يَعْتَقِدُهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ فَلَهَا حُكْمُ بَاقِيهَا فِي الْجَهْرِ
* وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ رضي الله تعالي عَنْهُ قَالَ " كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَانِ سَكْتَةٌ إذَا قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَسَكْتَةٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ " وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبُوا إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَكَتَبَ أَنْ صَدَقَ سَمُرَةُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ يُثْبِتُ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ قَالَ الْخَطِيبُ فَقَوْلُهُ سَكْتَةٌ إذَا قَرَأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَعْنِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ لِأَنَّ السَّكْتَةَ إنَّمَا هِيَ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ لَا بَعْدَهَا (وَأَمَّا الْجَوَابُ) عَنْ اسْتِدْلَالِهِمْ بحديث انس " كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " وَعَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ لَا بِالسُّورَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيَّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِعْلًا وَرِوَايَةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّ مثل هذه العبارة وَرَدَتْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُمَا مِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ الْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ جَمِيعِهِمْ اسْمُ السُّورَةِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِالْفَاتِحَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ الْبَسْمَلَةُ فَتَعَيَّنَ الِابْتِدَاءُ بِهَا وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِي مُسْلِمٍ " فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا منهم يقرأ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute