للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَقَالَ أَصْحَابُنَا هِيَ رِوَايَةٌ لِلَّفْظِ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى الَّذِي فَهِمَهُ الرَّاوِي عَبَّرَ عَنْهُ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ فَأَخْطَأَ وَلَوْ بَلَّغَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِهِ الْأَوَّلِ لَأَصَابَ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ

عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يخرج البخاري والترمذي وابو داؤد غَيْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ اسْمُ السُّورَةِ كَمَا سَبَقَ وتبث فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ " كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وعمر وعمثان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِتَأْوِيلِنَا فَقَدْ ثَبَتَ الْجَهْرُ بالبسملة عن أنس وغيره كما سبق فلابد مِنْ تَأْوِيلِ مَا ظَهَرَ خِلَافَ ذَلِكَ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ ثُمَّ لِلنَّاسِ فِي تَأْوِيلِهِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهِ خَمْسُ طُرُقٍ (إحْدَاهَا) وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِتَلَوُّنِهِ وَاضْطِرَابِهِ وَاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ مع تغاير معانيها فلا حجة في شئ مِنْهَا عِنْدِي لِأَنَّهُ قَالَ مَرَّةً كَانُوا يَفْتَتِحُونَ (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَمَرَّةً كَانُوا لَا يجهرون (بسم الله الرحمن الرحيم) ومرة كانوا لا يقرؤنها ومرة لم أسمعهم يقرؤنها ومرة قال وقد سئل عن ذلك كبرت ونسيت فحاصل هذه الطريقة إنما نَحْكُمُ بِتَعَارُضِ الرِّوَايَاتِ وَلَا نَجْعَلُ بَعْضَهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ فَيَسْقُطُ الْجَمِيعُ وَنَظِيرُ مَا فَعَلُوا فِي رَدِّ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ رَدَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي الْمُزَارَعَةِ لِاضْطِرَابِهِ وَتَلَوُّنِهِ وَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ كَثِيرُ الْأَلْوَانِ (الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ) أَنْ نُرَجِّحَ بَعْضَ أَلْفَاظِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ عَلَى بَاقِيهَا وَنَرُدَّ مَا خَالَفَهَا إلَيْهَا فَلَا نَجِدُ الرُّجْحَانَ إلَّا لِلرِّوَايَةِ الَّتِي عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ " أَنَّهُمْ كانوا يفتتحون بالحمد لله " أَيْ بِالسُّورَةِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>