للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الطَّيِّبِ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ كَانَ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ مَيْدَانٌ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَ جمع بُنْيَانِ الْجَانِبِ الْآخَرِ

وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ: هَذَا حُكْمُ الْبَلْدَةِ الْكَبِيرَةِ وَأَمَّا الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَهَا حُكْمُ الْبَلْدَةِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ الْمَحُوطَةِ وَلَا الْبَسَاتِينِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَشَذَّ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ الْبَسَاتِينُ أَوْ الْمَزَارِعُ مَحُوطَةً اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ الْمَحُوطَةِ وَلَا الْبَسَاتِينِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ وَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمَحُوطَةِ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَرْيَةَ كَالْبَلْدَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ البساتين والمزارع المحوطة ويجئ فِيهَا وَجْهُ الْمُتَوَلِّي: أَمَّا إذَا كَانَتْ قَرْيَتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا انْفِصَالٌ فَهُمَا كَمَحَلَّتَيْنِ مِنْ قَرْيَةٍ فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ الْأُخْرَى قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَإِنْ انْفَصَلَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَجَاوَزَ قَرْيَتَهُ جَازَ الْقَصْرُ سَوَاءٌ قَرُبَتْ الْأُخْرَى مِنْهَا أَمْ بَعُدَتْ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إذَا تَقَارَبَتَا اُشْتُرِطَ مُفَارَقَتُهُمَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا ذِرَاعٌ لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ الْأُخْرَى بَلْ يَقْصُرْ بِمُفَارَقَةِ قَرْيَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ جَمَعَ سُورٌ قُرًى مُتَفَاصِلَةً لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ السُّورِ وَكَذَا لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ وَلِهَذَا قُلْنَا أَوَّلًا إنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَلْدَةٍ لَهَا سُورٌ مُخْتَصٌّ بِهَا وَأَمَّا الْمُقِيمُ فِي الصَّحْرَاءِ فَيُشْتَرَطُ مُفَارِقَتُهُ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا رَحْلُهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَإِنْ سكن واديا وسار في عرضه فلابد مِنْ مُجَاوَزَةِ عَرْضِهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْأَصْحَابُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّسَاعِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَوْدِيَةِ فَإِنْ أَفْرَطَتْ سِعَتُهُ لَمْ يُشْتَرَطُ إلَّا مُجَاوَزَةُ الْقَدْرِ الَّذِي يُعَدُّ مَوْضِعَ نُزُولِهِ أَوْ مَوْضِعَ الْحِلَّةِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي فَإِنَّهُ يَكْفِيه ذَلِكَ الْقَدْرُ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ عَرْضِهِ مُطْلَقًا وَجَانِبَا الْوَادِي كَسُورِ الْبَلَدِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَلَوْ كَانَ نَازِلًا فِي رَبْوَةٍ اُشْتُرِطَ أَنْ يَهْبِطَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي وَهْدَةٌ اُشْتُرِطَ أَنْ يَصْعَدَ وَهَذَا إذَا كَانَتَا مُعْتَدِلَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْوَادِي وَلَا فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ عَرْضِ الْوَادِي وَالْهُبُوطِ وَالصُّعُودِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ فِي خَيْمَةٍ وَمَنْ هُوَ فِي جَمَاعَةٍ أَهْلِ خِيَامٍ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ فَإِنَّمَا يَتَرَخَّصُ إذَا فَارَقَ الْخِيَامَ كُلَّهَا مُجْتَمَعَةً كَانَتْ أَوْ مُتَفَرِّقَةً إذَا كَانَتْ حِلَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>