إلَى الْجَمْعِ مِنْ الْمُسَافِرِ وَأَنْتُمْ لَا تُجَوِّزُونَهُ (قلنا) الاتيان بصلاتين متعاقبتين افعال كثيرة وقد يَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ مُوَالَاتُهَا وَلَعَلَّ تَفْرِيقَهَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَالْمُسَافِرُ يَشُقُّ عَلَيْهِ النُّزُولُ لِلصَّلَاةِ حَالَ سَيْرِ الْقَوَافِلِ وَقَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَى مُنْصِفٍ أَنَّ الْجَمْعَ أَرْفَقُ مِنْ الْقَصْرِ فَإِنَّ الْقَائِمَ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ يَضُمُّهُمَا إلَى رَكْعَتَيْهِ وَرِفْقُ الْجَمْعِ واضح: وأما الجواب عن احتجاجهم بِأَحَادِيثِ الْمَوَاقِيتِ فَهُوَ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَأَحَادِيثُ الْجَمْعِ خَاصَّةٌ بِالسَّفَرِ فَقُدِّمَتْ وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَنْ حَدِيثٍ " لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ " فَإِنَّهُ عَامٌّ أَيْضًا (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَا داود قال روى موقوفا علي ابْنِ عُمَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا هَلْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِلسَّلَفِ فَإِنْ سَلَّمْنَا الِاحْتِجَاجَ بِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ صَرِيحَةٌ فِي إخْبَارِهِ عَنْ جَمْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَبَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرَدُّهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ يَجْمَعُ فِي حَالِ سَيْرِهِ إنَّمَا يَجْمَعُ إذَا نَزَلَ أَوْ كَانَ نَازِلًا فِي وَقْتِ الْأُولَى: وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ نَفْيٌ فَالْإِثْبَاتُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعَ رُوَاتِهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالْجَوَابُ عَنْ جَمْعِ الْمُقِيمِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ وَالْجَوَابُ عَنْ الْمَرِيضِ سَبَقَ فِي كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنْ السَّفَرِ الْقَصِيرِ إذَا سَلَّمْنَا امْتِنَاعَ الْجَمْعِ فِيهِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَضَرِ فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِيهِ (فَإِنْ قِيلَ) فَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِلَا إعَادَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَكُمْ (فَجَوَابُهُ) أَنَّ مَدَارَ التَّيَمُّمِ عَلَى إعْوَازِ الْمَاءِ وَهُوَ يُعْدَمُ فِي الْقَصِيرِ غَالِبًا كالطويل والله اعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
* (ويجوز الجمع بينهما في وقت الاولة مِنْهُمَا وَفِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كان نازلا في وقت الاولة فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ كَانَ سَائِرًا فالافضل ان يؤخر الاولة إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي الْمَنْزِلِ قَدَّمَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الزَّوَالِ " وَإِذَا سَافَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ ولان هذا ارفق بالمسافر فكان افضل)
* (الشَّرْحُ) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَلَهُ شَوَاهِدُ وَسَبَقَ مَعْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْجَمْعِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
* (فان أراد الجمع في وقت الاولة لَمْ يَجُزْ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ (أَحَدُهَا) أَنْ ينوى الجمع وقال المزني الْجَمْعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَمْعٌ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute